مهينا) * قال الزمخشري: الأمر بالحذر من العدو يوهم توقع غلبة واغترار، فنفى عنهم ذلك الإيهام بإخبارهم أن الله يهين عدوهم، ويخذلهم، وينصرهم عليه لتقوى قلوبهم، وليعلموا أن الأمر بالحذر ليس لذلك، وإنما هو تعبد من الله، كما قال: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) *.
2 (* (فإذا قضيتم الصلواة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلواة إن الصلواة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا * ولا تهنوا فى ابتغآء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما * إنآ أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أراك الله ولا تكن للخآئنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما * يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا * هاأنتم هاؤلاء جادلتم عنهم فى الحيواة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا * ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما * ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا * ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طآئفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) *)) 2 * (فإذا قضيت الصلواة * فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلواة) * الظاهر: أن معنى قضيتم الصلاة أي فرغتم منها، والصلاة هنا صلاة الخوف، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وكذا فسره ابن عباس. والذكر المأمور به هنا هو الذكر باللسان إثر صلاة الخوف على حد ما أمروا به عند قضاء المناسك بذكر الله، فأمروا بذكر الله من: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والدعاء بالنصر، والتأييد في جميع الأحوال فإن ما هم فيه من ارتقاب مقارعة العدو، حقيق بالذكر، والالتجاء إلى الله. أي: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة أي أتموها. وذهب قوم إلى أن معنى قضيتم الصلاة: تلبستم بالصلاة وشرعتم فيها. ومعنى الأمر بالذكر أي: صلوها قياما في حال المسايفة والاختلاط، وقعودا جاثين على الركب من أنين، وعلى جنوبكم مثخنين بالجراح، فهي هيئات لأحوال على حسب تفصيلها. فإذا اطمأننتم حين تضع الحرب أوزارها وأمنتم، فأقيموا الصلاة أي: فاقضوا ما صليتم في تلك الأحوال التي هي أحوال القلق والانزعاج، وبهذا الوجه بدأ الزمخشري وهو خلاف الظاهر. قال: وهذا ظاهر على مذهب الشافعي في إيجابه الصلاة على المحارب في حال المسايفة، والمشي والاضطراب في المعركة إذا حضر وقتها، فإذا اطمأن فعليه القضاء، وأما عند أبي حنيفة فهو معذور في تركها إلى أن يطمئن. وقيل: قوله: فإذا قضيتم الصلاة فذكروا، أنه أمر بالصلاة حاله إلا من بعد الخوف قياما للأصحاء، وقعودا للعجزين عن القعود لزمانة أو جراحة أو مرض لا يستطيع القعود معها، فإذا اطمأننتم أي: أمنتم من الخوف قاله: قتادة، والسدي. فأقيموا الصلاة أي: صلوها لا كصلاة الخوف، بل كصلاة الأمن في السفر. وقيل فإذا اطمأننتم أي: فإذا رجعتم من سفركم إلى الحضر فأقيموها تامة أربعا.
* (فإذا قضيتم الصلواة فاذكروا الله قياما وقعودا) * أي واجبة في أوقات معلومة قاله: ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة، وزيد بن أسلم، وابن قتيبة. ولم يقل موقوتة، لأن الكتاب مصدر، فهو مذكر. وروي عن ابن عباس: أن المعنى فرضا مفروضا، فهما لفظان بمعنى واحد، والظاهر الأول أي: فرضا منجما في أوقات. وقال أبو عبد الله الرازي: أجمل هنا تلك الأوقات وفسرها في أوقات خمسا، وتوقيتها بأوقات خمسة في نهاية الحسن نظرا إلى المعقول، لأن الحوادث لها مراتب خمس: مرتبة الحدوث، ومرتبة الوقوف، ومرتبة الكهولة وفيها نقصان خفي، ومرتبة الشيخوخة، والخامسة: أن تبقى آثاره بعد موته مدة ثم تمحى. وهذه المراتب حصلت للشمس بحسب طلوعها وغروبها، فأوجب الله عند كل مرتبة من أحوالها الخمس صلاة انتهى. ما لخصناه من كلامه وطول هو كثيرا في شيء لا يدل عليه القرآن، ولا تقتضيه لغة العرب، ذكر ذلك في