تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٥
الكيفية الخامسة: صلى بإحدى الطائفتين ركعة، والأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ثم سلم، ثم قضى بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة في حين واحد. الكيفية السادسة: يصلي بطائفة ركعة ثم ينصرفون تجاه العدو، وتأتي الأخرى فيصلي بهم ركعة ثم يسلم، وتقوم التي معه تقضي، فإذا فرغوا ساروا تجاه العدو، وقضت الأخرى. الكيفية السابعة: صلى بكل طائفة ركعة، ولم يقض أحد من الطائفتين شيئا زائدا على ركعة واحدة . الكيفية الثامنة: صلى بكل طائفة ركعتين ركعتين، فكانت له أربع، ولكل رجل ركعتان. الكيفية التاسعة: يصلي بإحدى الطائفتين ركعة إن كانت الصلاة ركعتين، والأخرى بإزاء العدو، ثم تقف هذه بإزاء العدو وتأتي الأولى فتؤدي الركعة بغير قراءة، وتتم صلاتها ثم تحرس، وتأتي الأخرى فتؤدي الركعة بقراءة وتتم صلاتها، وكذا في المغرب. إلا أنه يصلي بالأولى ركعتين، وبالثانية ركعة. الكيفية العاشرة: قامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة، فكبرت الطائفتان معه، ثم ركع وركع معه الذين معه وسجدوا كذلك، ثم قام فصارت التي معه إلى إزاء العدو، وأقبلت التي كانت بإزاء العدو فركعوا وسجدوا وهو قائم كما هو، ثم قاموا فركع ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه، ثم أقبلت التي بإزاء العدو فركعوا وسجدوا وهو قاعد، ثم سلم وسلم الطائفتان معه جميعا. وهذه كانت في غزوة نجد. الكيفية الحادية عشرة: صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعتين وسلم.
وهذه كانت ببطن نخل. واختلاف هذه الكيفيات يرد على مجاهد قوله: إنه ما صلى الرسول إلا مرتين: مرة بذات الرقاع من أرض بني سليم، ومرة بعسفان والمشركون بضخيان بينهم وبين القبلة. وذكر ابن عباس: أنه كان في غزوة ذي قرد صلاة الخوف. وقال أبو بكر بن العربي: روي عنه صلى الله عليه وسلم) أنه صلى صلاة الخوف أربعا وعشرين مرة، يعني كيفية. وقال ابن حنبل: لا نعلم أنه روي في صلاة الخوف إلا حديث ثابت صحيح، فعلى أي حديث صليت أجزأ. وكذا قال الطبري. وجمع في الأخذ بين الحذر والأسلحة، فإنه جعل الحذر أنه يحترز بها كما يحترز بالأسلحة كما جاء: * (تبوءوا الدار والإيمان) * جعل الإيمان مستقرا لتمكنهم فيه.
* (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة) * تقدم الكلام في لو بعدود في قوله: * (يود أحدهم لو يعمر) * أي: يشدون عليكم شدة واحدة: وقرى: وأمتعاتكم، وهو شاذ إذ هو جمع الجمع كما قالوا: أشقيات وأعطيات في أشقية وأعطية، جمع شقاء وعطاء. وفي هذا الإخبار تنبيه وتحذير من الغفلة، وأفرد المسألة لأنها أبلغ في الإيصال.
* (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم) * قال ابن عباس: نزلت بسبب عبد الرحمن بن عوف، كان مريضا فوضع سلاحه فعنفه بعض الناس. ولما كانت هاتان الحالتان مما يشق حمل السلاح فيهما، ورخص في ذلك للمريض لأن حمله السلاح مما يكره به ويزيد في مرضه، ورخص في ذلك إن كان مطر، لأن المطر مما يثقل العدو ويمنعه من خفة الحركة للقتال. وقال: إن يتأذوا من مطر إلا لحق الكفار من أذاه ما لحق المسلمين غالبا إن كانا متقاربين في المسافة ومرضا إما لجراحة سبقت، أو لضعف بنية، أو غير ذلك مما يعد مرضا، وتكرير الأمر بأخذ الحذر في الصلاة. وفي هاتين الحالتين مما يدل على توكيد التأهب والاحتراز من العدو، فإن الجيش كثيرا ما يصاب من التفريط في الحذر. وقال الضحاك في قوله: وخذوا حذركم، أي: تقلدوا سيوفكم، فإن ذلك حذر الغزاة.
* (إن الله أعد للكافرين عذابا
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»