تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٤٠
ويكتمون مآ ءاتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا * والذين ينفقون أموالهم رئآء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الا خر ومن يكن الشيطان له قرينا فسآء قرينا) *)) ) * الجار: القريب المسكن منك، وألفه منقلبة عن واو لقولهم: جاورت، ويجمع على جيران وجيرة. والجنب: البعيد. والجنابة البعد قال:
* فلا تحرمني نائلا عن جنابة * فإني امرؤ وسط القباب غريب * وهو من الاجتناب، وهو أن يترك الرجل جانبا. وقال تعالى: * (واجنبنى) * أي بعدني، وهو وصف على فعل كناقة سرح.
المختال: المتكبر، وهو اسم فاعل من اختال، وألفه منقلبة عن ياء لقولهم: الخيلاء والمخيلة. ويقال: خال الرجل يخول خولا إذا تكبر وأعجب بنفسه، فتكون هذه مادة أخرى، لأن تلك مركبة من خيل خ ي ل، وهذه مادة من خ و ل. الفخور: فعول من فخر، والفخر عد المناقب على سبيل الشغوف والتطاول.
القرين: فعيل بمعنى مفاعل، من قارنه إذا لازمه وخالطه، ومنه سميت الزوجة قرينة. ومنه قيل لما يلزمن الإبل والبقر: قرينان، وللحبل الذي يشدان به قرن قال الشاعر:
* وابن اللبون إذا ما لزفى قرن * لم يستطع صوله البزل القناعيس * وقال:
* كمدخل رأسه لم يدنه أحد * من القرينين حتى لزه القرن * * (ضعيفا يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * تقدم شرح نظير هذه الجملة في قوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا) * ومناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه تعالى لما بين كيفية التصرف في النفوس بالنكاح، بين كيفية التصرف في الأموال الموصلة إلى النكاح، وإلى ملك اليمين، وأن المهور والأثمان المبذولة في ذلك لا تكون مما ملكت بالباطل، والباطل هو كل طريق لم تبحه الشريعة، فيدخل فيه: السرقة، والخيانة، والغصب، والقمار، وعقود الربا، وأثمان البياعات الفاسدة، فيدخل فيه بيع العربان وهو: أن يأخذ منك السلعة ويكرى الدابة ويعطى درهما مثلا عربانا، فإن اشترى، أو ركب، فالدرهم من ثمن السلعة أو الكراء، وإلا فهو للبائع. فهذا لا يصح ولا يجوز عند جماهير الفقهاء، لأنه من باب أكل المال بالباطل. وأجاز قوم منهم: ابن سيرين، ومجاهد، ونافع بن عبيد، وزيد بن أسلم: بيع العربان على ما وصفناه، والحجج في كتب الفقه.
وقد اختلف السلف في تفسير قوله: بالباطل. فقال ابن عباس والحسن: هو أن يأكله بغير عوض. وعلى هذا التفسير قال ابن عباس: هي منسوخة، إذ يجوز أكل المال بغير عوض إذا كان هبة أو صدقة أو تمليكا أو وارثا، أو نحو ذلك مما أباحت الشريعة أخذه بغير عوض. وقال السدي: هو أن يأكل بالربا والقمار والبخس والظلم، وغير ذلك مما لم يبح الله تعالى أكل المال به. وعلى هذا تكون الآية محكمة وهو قول ابن مسعود
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»