* كأنك من جمال بني أقيش * تقعقع خلف رجليه بشن * التقدير: كأنك جمل من جمال بني أقيش، حذف: جمل، لدلالة: من جمال، عليه، كما حذف ثمرات لدلالة: من كل الثمرات، عليه وكذلك قوله تعالى * (وما منا إلا له مقام معلوم) * أي: وما أحد منا، فأحد مبتدأ محذوف، و: منا، صفة، وما بعد إلا جملة خبر عن المبتدأ.
* (وأصابه الكبر) * الظاهر أن الواو للحال، وقد مقدرة أي وقد أصابه الكبر، كقوله: * (وكنتم أمواتا فأحياكم) * * (وقعدوا لو أطاعونا) * أي: وقد كنتم، و: قد قعدوا، وقيل: معناه. ويصيبه، فعطف الماضي على المضارع لوضعه موضعه وقال الفراء: يجوز ذلك في: يود، لأنه يتلقى مرة بأن، ومرة بأو، فجاز أن يقدر أحدهما مكان الآخر قال الزمخشري: وقيل، يقال: وددت لو كان كذا، فحمل العطف على المعنى، كأنه قيل: أيود أحدكم لو كانت له جنة، وأصابه الكبر؟ انتهى.
وظاهر كلامه أن يكون: وأصابه، معطوفا على متعلق: أيود، وهو: أن تكون، لأنه في معنى: لو كانت، إذ يقال: أيود أحدكم لو كانت؟ وهذا ليس بشيء، لأنه ممتنع من حيث: أن يكون، معطوفا على: كانت، التي قبلها لو، لأنه متعلق الود، وأما: وأصابه الكبر، فلا يمكن أن يكون متعلق الود، لأن إصابة الكبر لا يوده أحد، ولا يتمناه، لكن يحمل قول الزمخشري على أنه: لما كان: أيود، استفهاما، معناه الإنكار، جعل متعلق الودادة الجمع بين الشيئين، وهما كون جنة له، وأصابة الكبر إياه، لا أن كل واحد منهما يكون مودودا على انفراده، وإنما أنكر وداده الجمع بينهما، وفي لفظ الإصابة معنى التأثير، وهو أبلغ من: وكبر، وكذلك بربوة أصابها وابل، وعليه تراب فأصابه وابل، ولم يأت: وبلت، ولا توبل.
والكبر الشيخوخة، وعلو السن.
* (وله ذرية ضعفاء) * وقرئ: ضعاف، وكلاهما جمع: ضعيف، كظريف وظرفاء. وظراف، والمعنى ذرية صبية صغار، ويحتمل أن يراد بضعفاء: محاويج.
* (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) * قال فيه، فأتى بالضمير مذكرا، لأن الإعصار مذكر من سائر أسماء الرياح، وارتفاع: نار، على الفاعلية بالجار قبله، أو: كائن فيه نار، وفي العطف بالفاء في قوله: فأصابها إعصار، دليل على أنها حين أزهت وحسنت للانتفاع بها أعقبها الإعصار.
* (فاحترقت) * هذا فعل مطاوع لأحرق، كأنه قيل: فيه نار أحرقتها فاحترقت، كقوله: أنصفته فانتصف، وأوقدته فاتقد. وهذه المطاوعة هي انفعال في المفعول يكون له قابلية للواقع به، فيتأثر له.
والنار التي في الإعصار هي السموم التي تكون فيها. وقال ابن مسعود: السموم التي خلق الله منها الجان جزء من سبعين جزءا من النار، يعني، نار الآخرة، وقد فسر أنها هلكت بالصاعقة. وقال الحسن، والضحاك. إعصار فيه نار، أي: ريح فيها صر برد.
* (كذالك يبين الله لكم الآيات) * أي: مثل هذا البيان تصرف الأمثال المقربة الأشياء للذهن، يبين لكم العلامات التي يوصل بها إلى اتباع الحق.
* (لعلكم تتفكرون) * أي: تعلمون أفكاركم فيما يفنى ويضمحل من الدنيا، وفيما هو باق لكم في الآخرة، فتزهدون في الدنيا، وترغبون في الآخرة.
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة من ضروب الفصاحة وصنوف البلاغة أنواعا: من الانتقال من الخصوص إلى العموم، ومن الإشارة، ومن التشبيه، ومن الحذف، ومن الاختصاص، ومن الأمثال، ومن المجاز. وكل هذا قد نبه عليه غضون تفسير هذه الآيات.