على يشفع إليه. وقيل: الحال أقوى لأنه إذا لم يشفع من هو عنده وقريب منه، فشفاعة غيره أبعد، و: بإذنه، متعلق: بيشفع، والباء للمصاحبة، وهي التي يعبر عنها بالحال، أي: لا أحد يشفع عنده إلا مأذونا له.
* (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) * الضمير يعود على: ما وهم الخلق، وغلب من يعقل، وقيل: الضميران في: أيديهم وخلفهم، عائدان على كل من يعقل ممن تضمنه قوله: * (له ما في السماوات وما في الارض) * قاله ابن عطية، وججوز ابن عطية أن يعود على ما دل عليه: من ذا، من الملائكة والأنبياء. وقيل: على الملائكة، قاله مقاتل، و: ما بين أيديهم، أمر الآخرة، و: ما خلفهم، أمر الدنيا. قاله ابن عباس، وقتادة، أو العكس قاله مجاهد، وابن جريح، والحكم بن عتبة، والسدي وأشياخه.
و: ما بين أيديهم، هو ما قبل خلقهم، و: ما خلفهم، هو ما بعد خلقهم، أو: ما بين أيديهم، ما أظهروه، و: ما خلفهم، ما كتموه. قاله الماوردي، أو: ما بين أيديهم، من السماء إلى الأرض، و: ما خلفهم، ما في السماوات. أو: ما بين أيديهم، الحاضر من أفعالهم وأحوالهم، و: ما خلفهم، ما سيكون. أو: عكسه، ذكر هذين القولين تاج القراء في تفسيره.
أو: ما بين أيدي الملائكة من أمر الشفاعة، وما خلفهم من أمر الدنيا أو بالعكس قاله مجاهد. أو ما فعلوه وما هم فاعلوه، قاله مقاتل.
والذي يظهر أن هذا كناية عن إحاطة علمه تعالى بسائر المخلوقات من جميع الجهات وكنى بهاتين الجهتين عن سائر جهات من أحاط علمه به، كما تقول: ضرب زيد الظهر والبطن، وأنت تعني بذلك جميع جسده، واستعيرت الجهات لأحوال المعلومات، فالمعنى أنه تعالى عالم بسائر أحوال المخلوقات، لا يعزب عنه شيء، فلا يراد بما بين الأيدي ولا بما خلفهم شيء معين. كما ذهبوا إليه.
* (ولا يحيطون بشيء من علمه) * الإحاطة تقتضي الحفوف بالشيء من جميع جهاته، والاشتمال عليه، والعلم هنا المعلوم لأن علم الله الذي هو صفة ذاته لا يتبعض، كما جاء في حديث موسى والخضر: ما نقص علمي وعلمك من علمه إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر، والاستثناء يدل على أن المراد بالعلم المعلومات، وقالوا: اللهم اغفر علمك فينا، أي معلومك، والمعنى: لا يعلمون من الغيب الذي هو معلوم الله شيئا إلا ما شاء أن يعلمهم، قاله الكلبي. وقال الزجاج: إبلا بما أنبأ به الأنبياء تثبيتا لنبوتهم.
و: بشيء وبما شاء، متعلقان: بيحيطون، وصار تعلق حرفي جر من جنس واحد بعامل واحد لأن ذلك على طريق البدل، نحو قولك: لا أمر بأحد إلا بزيد، والأولى أن تقدر مفعول شاء أن يحيطوا به، لدلالة قوله: ولا يحيطون على ذلك.
* (وسع كرسيه السماوات والارض) * قرأ الجمهور وسع بكسر السين، وقرئ شاذا بسكونها، وقرئ أيضا شاذا وسع بسكونها وضم العين، والسماوات والأرض بالرفع مبتدأ، وخبرا، والكرسي: جسم عظيم يسع السماوات والأرض، فقيل: هو نفس العرش، قاله الحسن. وقال غيره: دون العرش وفوق السماء السابعة، وقيل: تحت الأرض كالعرش فوق السماء، عن السدي وقيل: الكرسي موضع قدمي الروح الأعظم، أو: ملك آخر عظيم القدر. وقيل: السلطان والقدرة، والعرب تسمى أصل كل شيء الكرسي، وسمي الملك بالكرسي لأن الملك في حال حكمه وأمره ونهيه يجلس عليه فسمي باسم مكانه على سبيل المجاز. قال الشاعر:
* قد علم القدوس مولى القدس * أن أبا العباس أولى نفس *