داخل تحت حكم الصلة، لأن قوله: * (فأحيا به الارض) * عطف على أنزل، فاتصل به وصارا جميعا كالشئ الواحد، وكأنه قيل: وما أنزل في الأرض من ماء وبث فيها من كل دابة. ويجوز عطفه على أحيا على معنى فأحيا بالمطر الأرض وبث فيها من كل دابة، لأنهم ينمون بالخصب ويعيشون بالحياة. انتهى كلامه، ولا طائل تحته. وكيفما قدرت من تقدير يلزم أن يكون في قوله: * (وبث فيها من كل دابة) * ضمير يعود على الموصول، سواءأعطفته على أنزل، أو على فأحيا، لأن كلتا الجملتين في صلة الموصول. والذي يتخرج على الآية، أنها على حذف موصول لفهم المعنى معطوف على ما من قوله: * (وما أنزل) *، التقدير: وما بث فيها من كل دابة، فيكون ذلك أعظم في الآيات، لأن ما بث تعالى في الأرض من كل دابة فيه آيات عظيمة في أشكالها وصفاتها وأحوالها وانتقالاتها ومضارها ومنافعها وعجائبها، وما أودع في كل شكل، شكل منها من الأسرار العجيبة ولطائف الصنعة الغريبة، وذلك من الفيل إلى الذرة، وما وأجد تعالى في البحر من عجائب المخلوقات المباينة لأشكال البر. فمثل هذا ينبغي إفراده بالذكر، لا أنه يجعل منسوقا في ضمن شيء آخر وحذف الموصول الاسمي، غير أن أل عند من يذهب إلى اسميتها لفهم المعنى جائز شائع في كلام العرب، وإن كان البصريون لا يقيسونه، فقد قاسه غيرهم، قال بعض طي:
* ما الذي دأبه احتياط وحزم * وهواه أطاع مستويان * أي: والذي أطاع، وقال حسان:
* أمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء * أي: ومن يمدحه، وقال آخر:
* فوالله ما نلتم وما نيل منكم * بمعتدل وفق ولا متقارب * يريد: ما الذي نلتم وما نيل منكم، وقد حمل على حذف الموصول قوله تعالى: * (وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم) *، أي والذي أنزل إليكم ليطابق قوله تعالى: * (والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل) *. وقد يتمشى التقدير الأول على ارتكاب حذف الضمير لفهم المعنى، وإن لم يوجد شرط جواز حذفه، وقد جاء ذلك في أشعارهم، قال:
* وإن لساني شهدة يشتفى بها * وهو على من صبه الله علقم *