تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٦٢٩
* لولا الثريدان هلكنا بالضمر * ثريد ليل وثريد بالنهر * ويقال: رجل نهر، إذا كان يعمل في النهار، وفيه معنى النسب. قالوا: والنهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم) لعدي: (إنما هو بياض النهار وسواد الليل)، يعني في قوله تعالى: * (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر) *. وظاهر اللغة أنه من وقت الأسفار. وقال النضر بن شميل: ويغلب أول النهار طلوع الشمس. زاد النضر: ولا يعد ما قبل ذلك من النهار. وقال الزجاج، في (كتب الأنواء): أول النهار ذرور الشمس، واستدل بقول أمية بن أبي الصلت:
* والشمس تطلع كل آخر ليلة * حمراء يصبح لونها يتورد * وقال عدي بن زيد:
* وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به * بين النهار وبين الليل قد فصلا * والمصر: القطع. وأنشد الكسائي:
* إذا طبعت شمس النهار فإنها * أمارة تسليمي عليك فودعي * وقال ابن الأنباري: من طلوع الشمس إلى غروبها نهار، ومن الفجر إلى طلوعها مشترك بين الليل والنهار. وقد تقدمت مادة نهر في قوله: * (تجرى من تحتها الانهار) *. الفلك: السفن، ويكون مفردا وجمعا. وزعموا أن حركاته في الجمع ليست حركاته في المفرد، وإذا استعمل مفرد ثني، قالوا: فلكان. وقيل: إذا أريد به الجمع، فهو اسم جمع، والذي نذهب إليه أنه لفظ مشترك بين المفرد والجمع، وأن حركاته في الجمع حركاته في المفرد، ولا تقدر بغيرها. وإذا كان مفردا فهو مذكر، كما قال: * (فى الفلك المشحون) *. وقالوا: ويؤنث تأنيث المفرد، قال: * (والفلك التى تجرى) *، ولا حجة في هذا، إذ يكون هنا استعمل جمعا، فهو من تأنيث الجمع، والجمع بوصف بالتي، كما توصف به المؤنثة. وقيل: واحد الفلك، فلك، كأسد وأسد، وأصله من الدوران، ومنه: فلك السماء الذي تدور فيه النجوم، وفلكة المغزل، وفلكة الجارية: استدرار نهدها. بث: نشر وفرق وأظهر. قال الشاعر:
وفي الأرض مبثوثا شجاع وعقرب ومضارعه: يبث، على القياس في كل ثلاثي مضعف متعد أنه يفعل إلا ما شذ. الدابة: اسم لكل حيوان، ورد قول من أخرج منه الطير بقول علقمة:
* كأنهم صابت عليهم سحابة * صواعقها لطيرهن دبيب * ويقول الأعشى:
دبيب قطا البطحاء في كل منهل
(٦٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 ... » »»