سليمان. ثم نزه نبيه سليمان عن الكفر، وأن الشياطين هم الذين كفروا. ثم استطرد في أخبار هاروت وماروت، وأنهما لا يعلمان أحدا حتى ينصحاه بأنهما جعلا ابتلاء واختبارا، وأنهما لمبالغتهما في النصيحة ينهيان عن الكفر. ثم ذكر أن قصارى ما يتعلمون منهما هو تفريق بين المرء وزوجه. ثم ذكر أن ضرر ذلك لا يكون إلا بإذن من الله تعالى، لأنه تعالى هو الضار النافع. ثم أثبت أن ما يتعلمون هو ضرر لملابسة ومتعلمه. ثم أخبر أنهم قد علموا بحقيقة الضرر، وإن متعاطي ذلك لا نصيب له في الآخرة. ثم بالغ في ذم ما باعوا به أنفسهم، إذ ما تعوضوه مآله إلى الخسران.
ثم ختم ذلك بما لو سلكوه، وهو الإيمان والتقوى، لحصل لهم من الله الثواب الجزيل على ذلك، وأن جميع ما اجترموه من المآتم، واكتسبوه من الجرائم، يعفي على آثاره جر ذيل الإيمان، ويبدل بالإساءة جميل الإحسان. ولما كانت الآيات السابقة فيها ما يتضمن الوعيد من قوله: * (فإن الله عدو للكافرين) *، وقوله: * (وما يكفر بها إلا الفاسقون) *، وذكر نبذ العهود، ونبذ كتاب الله، واتباع الشياطين، وتعلم ما يضر ولا ينفع، والإخبار عنهم بأنهم علموا أنه لا نصيب لهم في الآخرة، أتبع ذلك بآية تتضمن الوعد الجميل لمن آمن واتقى. فجمعت هذه الآيات بين الوعيد والوعد، والترغيب والترهيب، والإنذار والتبشير، وصار فيها استطراد من شيء إلى شيء، وإخبار بمغيب بعد مغيب، متناسقا تناسق اللآلىء في عقودها، متضحة اتضاح الدراري في مطالع سعودها، معلمة صدق من أتى بها، وهو ما قرأ الكتب، ولا دارس، ولا رحل، ولا عاشر الأحبار، ولا مارس * (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى * علمه شديد القوى) * صلى الله عليه وأوصل أزكى تحية إليه.
2 (* (ياأيها الذين ءامنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم * ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشآء والله ذو الفضل العظيم * ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سوآء السبيل * ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره إن الله على كل شىء قدير * وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير * وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء وهم يتلون الكتاب كذالك قال الذين