تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٠٣
وهذه المادة قليلة، وهي أن تكون العين واللام واوين. التولي: الإعراض بعد الإقبال. لولا: للتحضيض بمنزلة هلا، فيليها الفعل ظاهرا أو مضمرا، وحرف امتناع لوجود فيكون لها جواب، ويجيء بعدها اسم مرفوع بها عند الفراء، وبفعل محذوف عند الكسائي، وبالابتداء عند البصريين، والخبر محذوف عند جمهورهم، وعند بعضهم فيه تفصيل ذكرناه في (منهج السالك) من تأليفنا، وليست جملة الجواب الخبر، خلافا لأبي الحسين بن الطراوة، وإن وقع بعدها مضمر فيكون ضمير رفع مبتدأ عند البصريين، ويجوز أن يقع بعدها ضمير الجر فتقول: لولاني ولولاك ولولاه، إلى آخرها، وهو في موضع جر بلولا عند سيبويه، وفي موضع رفع عند الأخفش، استعير ضمير الجر للرفع، كما استعاروا ضمير الرفع للجر في قولهم: ما أنا كانت، ولا أنت كانا. والترجيح بين المذهبين مذكور في النحو. ومن ذهب إلى أن لولا نافية، وجعل من ذلك * (فلولا كانت قرية ءامنت) *، فبعيد قوله عن الصواب. السبت: اسم ليوم معلوم، وهو مأخوذ من السبت الذي هو القطع، أو من السبات، وهو الدعة والراحة، وقال أبو الفرج بن الجوزي: هذا خطأ لا يعرف في كلام العرب سبت بمعنى استراح، والسبت: الحلق والسير، قال الشاعر:
* بمقورة الألياط أما نهارها * فسبت وأما ليلها فذميل * والسبت: النعل، لأنه يقطع كالطحن والرعي. قال ابن جريج: سمي يوم السبت لأنه قطعة زمان، قال لبيد:
* وغنيت سبتا قبل مجرى داحس * لو كان للنفس اللحوح خلود * القرد: معروف، ويجمع فعل الاسم قياسا على فعول نحو: قرد وقرود، وجسم وجسوم، وقليلا على فعلة نحو: قرد وقردة، وحسل وحسلة. الخسىء: الصغار والطرد، والفعل: خسأ، ويكون لازما ومتعديا، يقال: خسأ الكلب خسوا: ذل وبعد، وخسأته: طردته وأبعدته، خسأ: كرجع رجوعا، ورجعته رجعا. النكال: العبرة، وأصله المنع، والنكل: القيد. وقال مقاتل: النكال: العقوبة اليد: عضو معروف أصله يدي، وقد صرح بهذا الأصل، وقد أبدلوا ياءه همزة قالوا: قطع الله أديه: يريدون يديه، وجمعت على أفعل، قالوا: أيد، أصله: أيدي، وقد استعملت للنعمة والإحسان. وأما الأيادي فهو في الحقيقة جمع جمع، واستعماله في النعمة أكثر من استعماله للجارحة، كما أن استعمال الأيدي في الجارحة أكثر منه في النعمة. خلف: ظرف مكان مبهم، وهو متوسط التصرف، ويكون أيضا وصفا، يقال رجل خلف: بمعنى رديء، وسكت ألفا ونطق خلفا: أي نطقا رديئا. موعظة: مفعلة، من الوعظ، والوعظ: الإذكار بالخير بما يرق له القلب، وكسر عين الكلمة فيما كان على هذا الوزن وعلى مفعل هو القياس، وقد شذ: موءلة وكلم، ذكرها النحويون جاءت مفتوحة العين.
قوله تعالى: * (إن الذين ءامنوا والذين هادوا) * الآية. نزلت في أصحاب سلمان، وذلك أنه صحب عبادا من النصارى، فقال له أحدهم: إن زمان نبي قد أظل، فإن لحقته فآمن به. ورأى منهم عبادة عظيمة، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم)، ذكر له خبرهم وسأله عنهم، فنزلت هذه الآية، حكى هذه القصة مطولة ابن إسحاق والطبري والبيهقي. وروي عن ابن عباس أنها نزلت في أول الإسلام، وقدر الله بها أن من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم)، ومن بقي على يهوديته ونصرانيته وصابئيته، وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، فله أجره، ثم نسخ ما قدر من ذلك بقوله: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»