تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٠٢
النصارى، قبلتهم مهب الجنوب، يقرون بنوح، ويقرؤون الزبور، ويعبدون الملائكة. وقال عبد العزيز بن يحيى: لا عن منهم ولا أثر. وقال المغربي، عن الصابي صاحب الرسائل: هم قريب من المعتزلة، يقولون بتدبير الكواكب. وقال مجاهد: هم قوم لا دين لهم، ليسوا بيهود ولا نصارى. قال ابن أبي نجيح: قوم تركب دينهم بين اليهودية والمجوسية، لا تؤكل ذبائحهم. وقال ابن زيد: قوم يقولون لا إلاه إلا الله، وليس لهم عمل ولا كتاب، كانوا بالجزيرة والموصل. وروي عن الحسن وقتادة أيضا أنهم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون الخمس للقبلة، ويقرؤون الزبور، رآهم زياد بن أبي سفيان، فأراد وضع الجزية عنهم حتى عرف أنهم يعبدون الملائكة. وقال ابن عباس: هم قوم من اليهود والنصارى، لا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبائحهم. وقال أبو العالية: قوم من أهل الكتاب، ذبائحهم كذبائح أهل الكتاب، يقرؤون الزبر، ويخالفونهم في بقية أفعالهم. وقال الحسن والحكم: قوم كالمجوس. وقيل: قوم موحدون يعتقدون تأثير النجوم، وأنها فعالة. وأفتى أبو سعيد الأصطخري القادر بالله حين سأله عنهم بكفرهم. وقيل: قوم يعبدون الكواكب، ثم لهم قولان: أحدهما: أن خالق العالم هو الله، إلا أنه أمر بتعظيم الكواكب واتخاذها قبلة للصلاة والتعظيم والدعاء. الثاني: أنه تعالى خلق الأفلاك والكواكب، ثم إن الكواكب هي المدبرة لما في هذا العالم من الخير والشر والصحة والمرض، فيجب على البشر تعظيمها لأنها هي الآلهة المدبرة لهذا العالم، ثم إنها تعبد الله، وهذا المذهب هو المنسوب للذين جاءهم إبراهيم عليه السلام رادا عليهم. الأجر: مصدر أجر بأجر، ويطلق على المأجور به، وهو الثواب. والأجور: جبر كسر معوج، والأجار: السطح، قال الشاعر:
* تبدوا هواديها من الغبار * كالجيش الصف على الإجار * الرفع: معروف، وهو أعلى الشيء، والفعل منه رفع يرفع، الطور: اسم لكل جبل، قال مجاهد وعكرمة وقتادة. أو الجبل المنبت دون غير المنبت، قاله ابن عباس والضحاك، أو الجبل الذي ناجى الله عليه موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وقال العجاج:
* دانى جناحيه من الطور فر * تقضي البازي إذا البازي كسر * وقال آخر:
* وإن تر سلمى الجن يستأنسوا بها * وإن ير سلمى صاحب الطور ينزل * وأصله الناحية، ومنه طوار الدار. وقال مجاهد: هو جنس الجبل بالسريانية. القوة: الشدة، وهي مصدر قوي يقوى، وطيء تقول: قوي، يفتحون العين والتاء مفتوحة فتنقلب ألفا، يقولون في بقي: بقي، وفي زهي: زها، وقد يوجد ذلك في لغة غيرهم. قال علقمة بن عبدة التميمي:
* زها الشوق حتى ظل إنسان عينه * يفيض بمغمور من الدمع متأف *
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»