إلى ذي العرش سبيلا والرابع قوله " وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض وقد فسرنا هذه الآيات في مواضعها وتكلمنا على حقيقة التوحيد في قوله " وإلهكم إله واحد " " الله الصمد " في معنى الصمد ثلاثة أقوال أحدها أن الصمد الذي يصمد إليه في الأمور أي يلجأ إليه والآخر أنه الذي لا يأكل ولا يشرب فهو كقوله " وهو يطعم ولا يطعم " والثالث أنه الذي لا جوف له والأول هو المراد هنا على الأظهر ورجحه ابن عطية بأن الله موجد الموجودات وبه قوامها فهي مفتقرة إليه أي تصمد إليه إذ لا تقوم بأنفسها ورجحه شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير بورود معناه في القرآن حيثما ورد نفى الولد عن الله تعالى كقوله في مريم " وقالوا اتخذ الله ولدا " ثم أعقبه بقوله " إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا * (وقوله) * بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد * (وقوله) * وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض وكذلك هنا ذكره مع قوله * (لم يلد) * فيكون برهانا على نفي الولد قال الزمخشري صمد فعل بمعنى مفعول لأنه مصمود إليه في الحوائج * (لم يلد) * هذا رد على كل من جعل لله ولدا فمنهم النصارى في قولهم (عيسى ابن الله " واليهود في قولهم (عزيز ابن الله " والعرب في قولهم (الملائكة بنات الله) وقد أقام الله البراهين في القرآن على نفي الولد وأوضحها أربعة أقوال الأول أن الولد لا بد أن يكون من جنس والده والله تعالى ليس له جنس فلا يمكن أن يكون له ولد وإليه الإشارة بقوله تعالى * (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) * فوصفهما بصفة الحدوث لينفي عنهما صفة القدم فتبطل مقالة الكفار والثاني أن الوالد إنما يتخذ ولدا للحاجة إليه والله لا يفتقر إلى شئ فلا يتخذ ولدا وإلى هذا أشار بقوله * (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني) * الثالث أن جميع الخلق عباد الله والعبودية تنافي النبوة وإلى هذا أشار بقوله تعالى " إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا " الرابع أنه لا يكون له ولدا إلا لمن له زوجة والله تعالى لم يتخذ زوجة فلا يكون له ولد وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى * (أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) * * (ولم يولد) * هذا رد على الذين قالوا انسب لنا ربك وذلك أن كل مولود محدث والله تعالى هو الأول الذي لا افتتاح لوجوده القديم الذي كان ولم يكن معه شئ غيره فلا يمكن أن يكون مولودا تعالى عن ذلك " ولم يكن له كفؤا أحد " الكفؤ هو النظير والمماثل قال الزمخشري يجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح فيكون نفيا للصاحبة وهذا بعيد والأول هو الصحيح ومعناه أن الله ليس له نظير ولا شبيه ولا مثيل ويجوز في كفؤا ضم الفاء وإسكانها مع ضم الكاف وقد قرئ بالوجهين ويجوز أيضا كسر الكاف وإسكان الفاء ويجوز كسر الكاف وفتح الفاء والمد ويجوز فيه الهمزة والتسهيل وانتصب كفوا على أنه خبر كان وأحد اسمها قال ابن عطية ويجوز أن يكون كفوا حالا لكونه كان صفة للنكرة فقدم عليها فإن قيل لم قدم المجرور وهو له على اسم كان وخبرها وشأن الظرف إذا وقع غير خبر أن يؤخر فالجواب من وجهين أحدهما أنه قدم للاعتناء به والتعظيم لأنه ضمير الله تعالى وشأن العرب تقديم ما هو أهم وأولى والآخر أن هذا المجرور به يتم معنى الخبر وتكمل فائدته فإنه ليس المقصود نفى الكفؤ مطلقا إنما المقصود نفي الكفؤ عن الله تعالى فلذلك اعتنى بهذا المجرور الذي يحرز هذا المعنى فقدم فإن قيل إن قوله * (قل هو الله أحد) * يقتضي نفي الولد والكفؤ فلم نص على ذلك بعده فالجواب أن هذا من التجريد وهو تخصيص الشئ بالذكر بعد دخوله في عموم ما تقدم كقوله تعالى " وملائكته ورسله وجبريل وميكال
(٢٢٤)