التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٤
تتعلق بمحذوف تقديره لنجعله آية فعلنا ذلك * (فحملته) * يعني في بطنها وكانت مدة حملها ثمانية أشهر وقال ابن عباس حملته وولدته في ساعة * (مكانا قصيا) * أي بعيدا وإنما بعدت حياء من قومها أن يظنوا بها الشر * (فأجاءها) * معناه ألجأها وهو منقول من جاء بهمزة التعدية * (المخاض) * أي النفاس * (إلى جذع النخلة) * روي أنها احتضنت الجذع لشدة وجع النفاس * (قالت يا ليتني مت) * إنما تمنت الموت خوفا من إنكار قومها وظنهم بها الشر ووقوعهم في دمها وتمني الموت جائز في مثل هذا وليس هذا من تمني الموت لضر نزل بالبدن فإنه منهي عنه * (وكنت نسيا) * النسي الشيء الحقير الذي لا يؤبه له ويقال بفتح النون وكسرها * (فناداها من تحتها) * قرىء من بفتح الميم وكسرها وقد اختلف على كلتا القراءتين هل هو جبريل أو عيسى وعلى أنه جبريل قيل إنه كان تحتها كالقابلة وقيل كان في مكان أسفل من مكانها " أن لا تحزني " تفسير للنداء فأن مفسرة * (سريا) * جدولا وهي ساقية من ماء كان قريبا من جذع النخلة وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم فسره بذلك وقيل يعني عيسى فإن السري الرجل الكريم * (وهزي إليك بجذع النخلة) * كان جذعا يابسا فخلق الله فيه الرطب كرامة لها وتأنيسا وقد استدل بعض الناس بهذه الآية على أن الإنسان ينبغي له أن يتسبب في طلب الرزق لأن الله أمر مريم بهز النخلة والباء في بجذع زائدة كقوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة * (تساقط عليك رطبا جنيا) * الفاعل بتساقط النخلة وقرئ بالياء والفاعل على ذلك الجذع ورطبا تمييز والجني معناه الذي طاب وصلح لأن يجتني * (فكلي واشربي) * أي كلي من الرطب واشربي من ماء الجدول وهو السري * (وقري عينا) * أي طيبي نفسا بما جعل الله لك من ولادة نبي كريم أو من تيسير المأكول والمشروب * (فإما ترين) * هي إن الشرطية دخلت عليها ما الزائدة للتأكيد وترين فعل خوطبت به المرأة ودخلت عليه النون الثقيلة للتأكيد * (نذرت للرحمن صوما) * أي صمتا عن الكلام وقيل يعني الصيام لأن من شرطه في شريعتهم الصمت وإنما أمرت بالصمت صيانة لها عن الكلام مع المتهمين لها ولأن عيسى تكلم عنها فإخبارها بأنها نذرت الصمت بهذا الكلام وقيل بالإشارة ولا يجوز في شريعتنا نذر الصمت * (فأتت به قومها) * لما رأت الآيات علمت أن الله سيبين عذرها فجاءت به من المكان القصي إلى قومها * (شيئا فريا) * أي شنيعا وهو من الفرية * (يا أخت هارون) * كان هارون عابدا من بني إسرائيل شبهت به مريم في كثرة العبادة فقيل لها أخته بمعنى أنها شبهه وقيل كان أخاها من أبيها وكان رجلا صالحا وقيل هو هارون النبي أخو موسى وكانت من ذريته فأخت على هذا كقولك أخو بني فلان أي واحد منهم ولا يتصور على هذا القول أن تكون أخته من النسب حقيقة فإن
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»