قومك يا موسى) قصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما أمره الله أن يسير هو وبنو إسرائيل إلى الطور تقدم هو وحده مبادرة إلى أمر الله وطلبا لرضاه وأمر بني إسرائيل أن يسيروا بعده واستخلف عليهم أخاه هارون فأمرهم السامري حينئذ بعبادة العجل فلما وصل موسى إلى الطور دون قومه قال له الله تعالى * (ما أعجلك عن قومك) * وإنما سأل الله موسى عن سبب استعجاله دون قومه ليخبره موسى بأنهم يأتون على أثره فيخبره الله بما صنعوا بعده من عبادة العجل وقيل سأله على وجه الإنكار لتقدمه وحده دون قومه فاعتذر موسى بعذرين أحدهما أن قومه على أثره أي قريب منه فلم يتقدم عليهم بكثير فيوجب العتاب والثاني أنه إنما تقدم طلبا لرضا الله * (وأضلهم السامري) * كان السامري رجلا من بني إسرائيل يقال إنه ابن خال موسى وقيل لم يكن منهم وهو منسوب إلى قرية بمصر يقال لها سامرة وكان ساحرا منافقا * (فرجع موسى إلى قومه) * يعني رجع من الطور بعد إكمال الأربعين يوما التي كلمه الله فيها * (أسفا) * ذكر في الأعراف * (ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا) * يعني ما وعدهم من الوصول إلى الطور * (أفطال عليكم العهد) * يعني المدة وهذا الكلام توبيخ لهم * (بملكنا) * قرىء بالفتح والضم والكسر ومعناه ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا ولكن غلبنا بكيد السامري فيحتمل أنهم اعتذروا بقلة قدرتهم وطاقتهم ويناسب هذا المعنى القراءة بضم الميم واعتذروا بقلة ملكهم لأنفسهم في النظر وعدم توفيقهم للرأي السديد ويناسب هذا المعنى القراءة بالفتح والكسر * (حملنا أوزارا من زينة القوم) * الأوزار هنا الأحمال سميت أوزارا لثقلها أو لأنهم اكتسبوا بسببها الأوزار أي الذنوب وزينة القوم هي حلي القبط قوم فرعون كان بنو إسرائيل قد استعاروه منهم قبل هلاكهم وقيل أخذوه بعد هلاكهم فقال لهم السامري اجمعوا هذا الحلي في حفرة حتى يحكم الله فيه ففعلوا ذلك وأوقد السامري نارا على الحلي وصاغ منه عجلا وقيل بل خلق الله منه العجل من غير أن يصنعه السامري ولذلك قال لموسى قد فتنا قومك من بعدك * (فقذفناها) * أي قذفنا أحمال الحلي في الحفرة * (فكذلك ألقى السامري) * كان السامري قد رأى جبريل عليه السلام فأخذ من وطء فرسه قبضة من تراب وألقى الله في نفسه أنه إذا جعلها على شيء مواتا صار حيوانا فألقاها على العجل فخار العجل أي صاح صياح العجول فالمعنى أنهم قالوا كما ألقينا الحلي في الحفرة ألقى السامري قبضة التراب * (جسدا) * أي جسما بلا روح والخوار صوت البقر * (فقالوا هذا إلهكم) * أي قال ذلك بنو إسرائيل بعضهم لبعض * (فنسي) * يحتمل وجهين أحدهما أن يكون من كلام بني إسرائيل والفاعل موسى أي نسي موسى إلهه هنا وذهب يطلبه في الطور والنسيان على هذا بمعنى الذهول والوجه الثاني أن يكون من كلام الله تعالى والفاعل على هذا السامري أي نسي دينه وطريق الحق والنسيان على هذا المعنى الترك * (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا) * معناه لا يرد عليهم كلاما إذا
(١٧)