التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
أن يحصر بعدد أو وزن وهذا قول الجمهور * (وأمرت لأن أكون أول المسلمين) * اللام هنا يجوز أن تكون زائدة أو للتعليل ويكون المفعول على هذا محذوف فإن قيل كيف عطف أمرت على أمرت والمعنى واحد فالجواب أن الأول أمر بالعبادة والإخلاص والثاني أمر بالسبق إلى الإسلام فهما معنيان اثنان وكذلك قوله قل الله أعبد ليس تكرارا لقوله أمرت أن أعبد الله لأن الأول إخبار بأنه مأمور بالعبادة والثاني إخبار بأنه يفعل العبادة وقدم اسم الله تعالى للحصر واختصاص العبادة به وحده * (فاعبدوا ما شئتم من دونه) * هذا تهديد ومبالغة في الخذلان والتخلية لهم على ما هم عليه * (ظلل) * جمع ظلة بالضم وهو ما غشي من فوق كالسقف فقوله من فوقهم بين وأما من تحتهم فسماه ظلة لأنه سقف لمن تحتهم فإن جهنم طبقات وقيل سماه ظلة لأنه يلتهب ويصعد من أسفلهم إلى فوقهم * (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) * قيل إنها نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن ابن عوف وسعد وسعيد وطلحة والزبير إذ دعاهم أبو بكر الصديق إلى الإيمان فآمنوا وقيل نزلت في أبي ذر وسلمان وهذا ضعيف لأن سلمان إنما أسلم بالمدينة والآية مكية والأظهر أنها عامة والطاغوت كل ما عبد من دون الله وقيل الشياطين * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * قيل يستمعون القول على العموم فيتبعون القرآن لأنه أحسن الكلام وقيل يستمعون القرآن فيتبعون بأعمالهم أحسنه من العفو الذي هو أحسن من الانتصار وشبه ذلك وقيل هو الذي يستمع حديثا فيه حسن وقبيح فيتحدث بالحسن ويكف عما سواه وهذا قول ابن عباس وهو الأظهر وقال ابن عطية هو عام في جميع الأقوال والقصد الثناء على هؤلاء ببصائر ونظر سديد يفرقون به بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ فيتبعون الأحسن من ذلك وقال الزمخشري مثل هذا المعنى * (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) * فيها وجهان أحدهما أن يكون الكلام جملة واحدة تقديره أفمن حق عليه كلمة العذاب أأنت تنقذه فموضع من في النار موضع المضمر والهمزة في قوله أفأنت هي الهمزة التي في قوله أفمن وهي همزة الإنكار كررت للتأكيد والثاني أن يكون التقدير أفمن حق عليه كلمة العذاب تتأسف عليه فحذف الخبر ثم استأنف قوله أفأنت تنقذ من في النار وعلى هذا
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»