يظنون لأنهم كانوا يظنون ظنونا كاذبة قال الزمخشري المراد بذلك تعظيم العذاب الذي يصيبهم أي ظهر لهم من عذاب الله ما لم يكن في حسابهم فهو كقوله في الوعد * (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) * وقيل معناها عملوا أعمالا حسبوها حسنات فإذا هي سيئات وقال الحسن ويل لأهل الربا من هذه الآية وهذا على أنها في المسلمين والظاهر أنها في الكفار " وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن " معنى حاق حل ونزل وقال ابن عطية وغيره إن هذا على حذف مضاف تقديره حاق بهم جزاء ما كانوا به يستهزؤن ويحتمل أن يكون الكلام دون حذف وهو أحسن ومعناه حاق بهم العذاب الذي كانوا به يستهزؤن لأنهم كانوا في الدنيا يستهزؤن إذا خوفوا بعذاب الله ويقولون متى هذا الوعد * (قال إنما أوتيته على علم) * يحتمل وجهين أحدهما وهو الأظهر أن يريد على علم مني بالمكاسب والمنافع والآخر على علم الله باستحقاقي لذلك وإنما هنا تحتمل وجهين أحدهما وهو الأظهر أن تكون ما كافة وعلى علم في موضع الحال والآخر أن تكون ما اسم إن وعلى علم خبرها وإنما قال أوتيته بالضمير المذكر وهو عائد على النعمة للحمل على المعنى * (بل هي فتنة) * رد على الذي قال إنما أوتيته على علم * (قد قالها الذين من قبلهم) * يعني قارون وغيره * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) * قال علي بن أبي طالب وابن مسعود هذه أرحى آية في القرآن وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية واختلف في سببها فقيل نزلت في وحشي قاتل حمزة لما أراد أن يسلم وخاف أن لا يغفر له ما وقع فيه من قتل حمزة وقيل نزلت في قوم آمنوا ولم يهاجروا ففتنوا فافتتنوا ثم ندموا وظنوا أنهم لا توبة لهم وهذا قول عمر بن الخطاب وقد كتب بها إلى هشام بن العاص لما جرى له ذلك وقيل نزلت في قوم من أهل الجاهلية قالوا ما ينفعنا الإسلام لأننا قد زنينا وقتلنا النفوس فنزلت الآية فيهم ومعناها مع ذلك على العموم في جميع الناس إلى يوم القيامة على تفصيل نذكره وذلك أن الذين أسرفوا على أنفسهم إن أراد بهم الكفار فقد اجتمعت الأمة على أنهم إذا أسلموا غفر لهم كفرهم وجميع ذنوبهم لقوله صلى الله عليه وسلم الإسلام يجب ما قبله وأنهم إن ماتوا على الكفر فإن الله لا يغفر لهم بل يخلدهم في النار وإن أراد به العصاة من المسلمين فإن العاصي إذا تاب غفر له ذنوبه وإن لم يتب فهو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له فالمغفرة المذكورة في هذه الآية يحتمل أن يريد بها المغفرة للكفار إذا أسلموا أو للعصاة إذا تابوا أو للعصاة وإن لم يتوبوا إذا تفضل الله عليهم بالمغفرة والظاهر أنها نزلت في الكفار وأن المغفرة المذكورة هي لهم إذا أسلموا
(١٩٧)