التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٢
والرحم والمشيمة والأول أرجح لقوله بطون أمهاتكم ولم يذكر الصلب * (إن تكفروا فإن الله غني عنكم) * أي لا يضره كفركم * (ولا يرضى لعباده الكفر) * تأول الأشعرية هذه الآية على وجهين أحدهما أن الرضا بمعنى الإرادة ويعني بعباده من قضى الله له بالإيمان والوفاة عليه فهو كقوله إن عبادي ليس لك عليهم سلطان والآخر أن الرضا غير الإرادة والعباد على هذا على العموم أي لا يرضى الكفر لأحد من البشر وإن كان قد أراد أن يقع من بعضهم فهو لم يرضه دينا ولا شرعا وأراده وقوعا ووجودا وأما المعتزلة فإن الرضا عندهم بمعنى الإرادة والعباد على العموم جريا على قاعدتهم في القدر وأفعال العباد * (وإن تشكروا يرضه لكم) * هذا عموم والشكر الحقيقي يتضمن الإيمان * (ولا تزر وازرة) * ذكر في الإسراء * (وإذا مس الإنسان ضر) * الآية يراد بالإنسان هنا الكافر بدليل قوله وجعل له أندادا والقصد بهذه الآية عتاب وإقامة حجة فالعتاب على الكفر وترك دعاء الله وإقامة الحجة على الإنسان بدعائه إلى الله في الشدائد فإن قيل لم قال هنا وإذا مس بالواو وقال بعدها فإذا مس بالفاء فالجواب أن الذي بالفاء مسبب عن قوله اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة فجاء بفاء السببية قاله الزمخشري وهو بعيد * (ثم إذا خوله نعمة منه) * خوله أعطاه والنعمة هنا يحتمل أن يريد بها كشف الضر المذكور أو أي نعمة كانت * (نسي ما كان يدعو إليه من قبل) * يحتمل أن تكون ما مصدرية أي نسي دعاء أو تكون بمعنى الذي والمراد بها الله تعالى * (أم من هو قانت) * بتخفيف الميم على إدخال همزة الاستفهام على من وقيل هي همزة النداء الأول أظهر وقرئ بتشديدها على إدخال أم على من ومن مبتدأ وخبره محذوف وهو المعادل للاستفهام تقديره أم من هو قانت كغيره وإنما حذف لدلالة الكلام عليه وهو ما ذكر قبله وما ذكر بعده وهو قوله * (هل يستوي الذين يعلمون) * والقنوت هنا بمعنى الطاعة والصلاة بالليل وآناء الليل ساعاته * (قل يا عباد الذين آمنوا) * الآية نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين عزموا على الهجرة إلى أرض الحبشة ومعناها التأنيس لهم والتنشيط على الهجرة * (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) * يحتمل أن يتعلق في هذه الدنيا بأحسنوا والمعنى الذين أحسنوا في الدنيا لهم حسنة في الآخرة أو يتعلق بحسنة والحسنة على هذا حسن الحال والعافية في الدنيا والأول أرجح * (وأرض الله واسعة) * يراد البلاد المجاورة للأرض التي هاجروا منها والمقصود من ذلك الحض على الهجرة * (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * هذا يحتمل وجهين أحدهما أن الصابر يوفى أجره ولا يحاسب على أعماله فهو من الذين يدخلون الجنة بغير حساب والثاني أن أجر الصابرين بغير حصر بل أكثر من
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»