يكون المعنى أن تلك الفطرة لا ينبغي للناس أن يبدلوها فالنفي على هذا حكم لا خبر وقيل إنه على الخصوص في المؤمنين أي لا تبديل لفطرة الله في حق من قضى الله أنه يثبت على إيمانه وقيل إنه نهى عن تبديل الخلقة كخصاء الفحول من الحيوان وقطع آذانها وشبه ذلك * (منيبين إليه) * منصوب على الحال من قوله أقم وجهك لأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد هو وأمته ولذلك جمعهم في قوله منيبين وقيل هو حال من ضمير الفاعل المستتر في الزموا فطرة الله وقيل هو حال من قوله فطر الناس وهذا بعيد * (واتقوه) * وما بعده معطوف على أقم وجهك أو على العامل في فطرة الله وهو الزموا المضمر * (من الذين فرقوا دينهم) * المجرور بدل من المجرور قبله ومعنى فرقوا دينهم جعلوه فرقا أي اختلفوا فيه وقرئ فارقوا من المفارقة أي تركوه والمراد بالمشركين هنا أصناف الكفار وقيل هم المسلمون الذين تفرقوا فرقا مختلفة وفي لفظ المشركين هنا تجوز بعيد ولعل قائل هذا القول إنما قاله في قول الله في الأنعام إن الذين فرقوا دينهم فإنه ليس هناك ذكر المشركين " وإذ مس الناس ضر " الآية إنحاء على المشركين لأنهم يدعون الله في الشدائد ويشركون به في الرخاء * (ليكفروا) * ذكر في النحل * (أم أنزلنا عليهم سلطانا) * أم هنا منقطعة بمعنى بل والسلطان الحجة وكلامه مجاز كما تقول نطق بكذا والمعنى ليس لهم حجة تشهد بصحة شركهم * (وإذا أذقنا الناس رحمة) * إنحاء على من يفرح ويبطر إذا أصابه الخير ويقنط إذا أصابه الشر وانظر كيف قال هنا إذا وقال في الشر إن تصبهم سيئة لأن إذا للقطع بوقوع الشرط بخلاف إن فإنها للشك في وقوعه ففي ذلك إشارة إلى أن الخير الذي يصيب به عباده أكثر من الشر * (بما قدمت أيديهم) * المعنى أن ما يصيب الناس من المصائب فإنه بسبب ذنوبهم * (فآت ذا القربى حقه) * يعني صلة رحم القرابة بالإحسان والمودة ولو بالكلام الطيب " وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس " الآية معناها كقوله " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " أي ما أعطيتم من أموالكم على وجه الربا فلا يزكو عند الله وما آتيتم من الصدقات فهو الذي يزكو عند الله وينفعكم به وقيل المراد أن يهب الرجل للرجل أو يهدي له ليعوض له أكثر من ذلك فهذا وإن كان جائزا فإنه لا ثواب فيه وقرئ وما آتيتم بالمد بمعنى أعطيتم وبالقصر يعني جئتم أي فعلتموه وقرئ لتربوا بالتاء المضمومة وليربوا بالياء
(١٢٣)