التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٤
تحريمهم أشياء كالبحيرة وغيرها * (قل لا أجد) * الآية تقتضي حصر المحرمات فيما ذكر وقد جاء في السنة تحريم أشياء لم تذكر هنا كلحوم الحمر فذهب قوم إلى أن السنة نسخت هذا الحصر وذهب آخرون إلى أن الآية وردت على سبب فلا تقتضي الحصر وذهب آخرون إلى أن ما عدا ما ذكر إنما نهى عنه على وجه الكراهة لا على وجه التحريم * (أو فسقا) * معطوف على المنصوبات قبله وهو ما أهل به لغير الله سماه فسقا لتوغله في الفسق وقد تقدم الكلام على هذه المحرمات في البقرة * (كل ذي ظفر) * هو ماله أصبع من دابة وطائر قاله الزمخشري وقال ابن عطية يراد به الإبل والإوز والنعام ونحوه من الحيوان الذي هو غير منفرج الأصابع أو له ظفر وقال الماوردي مثله وحكى النقاش عن ثعلب أن كل ما لا يصيد فهو ذو ظفر وما يصيد فهو ذو مخلب وهذا غير مطرد لأن الأسد ذو ظفر * (إلا ما حملت ظهورهما) * يعني ما في الظهور والجنوب من الشحم * (أو الحوايا) * هي المباعر وقيل المصارين والحشوة ونحوهما مما يتحوى في البطن وواحد حوايا حوية على وزن فعلية فوزن حوايا على هذا فعائل كصحيفة وصحائف وقيل واحدها حاوية على وزن فاعلة فحوايا على هذا فواعل كضاربة وضوارب وهو معطوف على ما في قوله إلا ما حملت ظهورهما فهو من المستثنى من التحريم وقيل عطف على الظهور فالمعنى إلا ما حملت الظهور أو حملت الحوايا وقيل عطف على الشحوم فهو من المحرم * (أو ما اختلط بعظم) * يريد ما في جميع الجسد * (وإنا لصادقون) * أي فيما أخبرنا به من التحريم وفي ذلك تعريض بكذب من حرم ما لم يحرم الله * (فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة) * أي إن كذبوك فيما أخبرت به من التحريم فقل لهم ربكم ذو رحمة واسعة إذ لا يعاجلكم بالعقوبة على شدة جرمكم وهذا كما تقول عند رؤية معصية ما أحلم الله تريد لإمهاله عن مثل ذلك ثم أعقب وصفه بالرحمة الواسعة بقوله * (ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين) * أي لا تغتروا بسعة رحمته فإنه لا يرد بأسه عن مثلكم إما في الدنيا أو في الآخرة * (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا) * الآية معناها أنهم يقولون إن شركهم وتحريمهم لما حرموا كان بمشيئة الله ولو شاء الله أن لا يفعلوا ذلك ما فعلوه فاحتجوا على ذلك بإرادة الله له وتلك نزغة جبرية ولا حجة لهم في ذلك لأنهم مكلفون مأمورون ألا يشركوا بالله ولا يحللوا ما حرم الله ولا يحرموا ما حلل الله والإرادة خلاف التكليف ويحتمل عندي أن يكون قولهم * (لو شاء الله) * قولا يقولونه في الآخرة على وجه التمني أن ذلك لم يكن كقولك إذا ندمت على شيء لو شاء الله ما كان هذا أي يتمنى أن ذلك لم يكن ويؤيد هذا أنه حكى قوله بأداة الاستقبال وهي السين فذلك دليل على أنهم يقولونه في المستقبل وهي الآخرة " قل هل
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»