التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٨١
أن الصفات التي وصف بها هؤلاء القوم هي أوصاف أبي بكر ألا ترى قوله * (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) * وكان أبو بكر ضعيفا في نفسه قويا في الله وكذلك قوله ولا يخافون لومة لائم إشارة إلى من خالف أبا بكر ولامه في قتال أهل الردة فلم يرجع عن عزمه * (أذلة على المؤمنين) * كقوله أشداء على الكفار رحماء بينهم وإنما تعدى أذلة بعلى لأنه تضمن معنى العطف والحنو فإن قيل أين الراجع من الجزاء إلى الشرط فالجواب أنه محذوف تقديره من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم مكانهم أو بقوم يقاتلونهم * (إنما وليكم الله) * ذكر الولي بلفظ المفرد إفرادا لله تعالى بهما ثم عطف على اسمه تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين على سبيل التبع ولو قال إنما أولياؤكم لم يكن في الكلام أصل وتبع * (وهم راكعون) * قيل نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه سأله سائل وهو راكع في الصلاة فأعطاه خاتمه وقيل هي عامة وذكر الركوع بعد الصلاة لأنه من أشرف أعمالها فالواو على القول الأول واو الحال وعلى الثاني للعطف * (فإن حزب الله) * هذا من إقامة الظاهر مقام المضمر معناه فإنهم هم الغالبون * (والكفار) * بالنصب عطف على الذين اتخذوا وقرئ بالخفض عطف على الذين أوتوا الكتاب ويعضده قراءة ابن مسعود ومن الكفار ويراد بهم المشركون من العرب * (وإذا ناديتم إلى الصلاة) * الآية روي أن رجلا من النصارى كان بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن محمدا رسول الله قال حرق الله الكاذب فوقعت النار في بيته فاحترق هو وأهله واستدل بعضهم بهذه الآية على ثبوت الأذان من القرآن * (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) * جعل قلة عقولهم علة لاستهزائهم بالدين * (هل تنقمون منا) * هل تعيبون علينا وتنكرون منا إلا إيماننا بالله ويجمع كتبه ورسله وذلك أمر لا ينكر ولا يعاب ونظير هذا في الاستثناء العجيب قول النابغة (ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب) ونزلت الآية بسبب أبي ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وجماعة من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرسل الذي يؤمن بهم فتلا * (آمنا بالله وما أنزل إلينا) * إلى آخر الآية فلما ذكر عيسى قالوا لا نؤمن بعيسى ولا بمن آمن به * (وأن أكثركم فاسقون) * قيل إنه معطوف على آمنا وقيل على ما أنزل وقيل هو تعليل معطوف على تعليل محذوف تقديره هل تنقمون منا إلا لقلة إنصافكم ولأن أكثركم فاسقون ويحتمل أن يكون وأن أكثركم مبتدأ وخبره محذوف تقديره فسقكم معلوم أو ثابت " قل هل أنبئكم بشر من
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»