التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٩٢
الدنيا أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال ولو كان من نقسم له قريبا لنا وهذا لأن عادة الناس الميل إلى أقاربهم * (ولا نكتم شهادة الله) * أي الشهادة التي أمر الله بحفظها وأدائها وإضافتها إلى الله تعظيما لها * (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) * أي إن اطلع بعد ذلك على أنهما فعلا ما أوجب إثما والإثم الكذب والخيانة واستحقاقه الأهلية للوصف به * (فآخران يقومان مقامهما) * أي اثنان من أولياء الميت يقومان مقام الشاهدين في اليمين * (من الذين استحق عليهم) * أي من الذين استحق عليهم الإثم أو المال ومعناه من الذين جنا عليهم وهم أولياء الميت * (الأوليان) * تثنية أولى بمعنى أحق أي الأحقان بالشهادة لمعرفتهما والأحقان بالمال لقرابتهما وهو مرفوع على أنه خبر ابتداء تقديره هما الأوليان أو مبتدأ مؤخر تقديره الأوليان آخران يقومان أو بدل من الضمير في يقومان ومنع الفارسي أن يسند استحق إلى الأوليان وأجازه ابن عطية وأما على قراءة استحق بفتح التاء والحاء على البناء للفاعل فالأوليان فاعل باستحق ومعنى استحق على هذا أخذ المال وجعل يده عليه والأوليان على هذا هما الشاهدان اللذان ظهرت خيانتهما أي الأوليان بالتحليف والتعنيف والفضيحة وقرئ الأولين جمع أول وهو مخفوض على الصفة للذين استحق عليهم أو منصوبا بإضمار فعل ووصفهم بالأولية لتقدمهم على الأجانب في استحقاق المال وفي صدق الشهادة * (فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما) * أي يحلف هذان الآخران أن شهادتهما أحق أي أصح من شهادة الشاهدين الذين ظهرت خيانتهما * (إنا إذا لمن الظالمين) * أي إن اعتدينا فإنا من الظالمين وذلك على وجه التبرئة ومثل قول الأولين إنا إذا لمن الآثمين * (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها) * الإشارة بذلك إلى الحكم الذي وقع في هذه القضية ومعنى أدنى أقرب وعلى وجهها أي كما وقعت من غير تغيير ولا تبديل أو يخافوا * (أن ترد أيمان بعد أيمانهم) * أي يخافوا أن يحلف غيرهم بعدهم فيفتضحوا * (يوم يجمع الله الرسل) * هو يوم القيامة وانتصب الظرف بفعل مضمر أي ماذا أجابكم به الأمم من إيمان وكفر وطاعة ومعصية والمقصود بهذا السؤال توبيخ من كفر من الأمم وإقامة الحجة عليهم وانتصب ماذا أجبتم انتصاب مصدره ولو أريد الجواب لقيل بماذا أجبتم * (قالوا لا علم لنا) * إنما قالوا ذلك تأدبا مع الله فوكلوا العلم إليه قال ابن عباس المعنى لا علم لنا إلا ما علمتنا وقيل معناه علمنا ساقط في جنب علمك ويقوي ذلك قوله إنك أنت علام الغيوب لأن من علم الخفيات لم تخف عليه الظواهر وقيل ذهلوا عن الجواب لهول ذلك اليوم وهذا بعيد لأن الأنبياء في ذلك اليوم آمنون وقيل أرادوا بذلك توبيخ الكفار * (إذ قال الله) * يحتمل أن يكون إذ بدل من يوم يجمع ويكون هذا القول يوم القيامة أو يكون العامل
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 » »»