تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٥٦
فإنه من حيث أنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع وهو جمع شتيت كمريض ومرضى أي متفرقات في الصور والأغراض والمنافع يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال * (كلوا وارعوا أنعامكم) * وهو حال من ضمير * (فأخرجنا) * على إرادة القول أي أخرجنا أصناف النبات قائلين * (كلوا وارعوا) * والمعنى معديهما لانتفاعكم بالأكل والعلف آذنين فيه * (إن في ذلك لآيات لأولي النهى) * لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح جمع نهية * (منها خلقناكم) * فإن التراب أصل خلقه أول آبائكم وأول مواد أبدانكم * (وفيها نعيدكم) * بالموت وتفكيك الأجزاء * (ومنها نخرجكم تارة أخرى) * بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الصور السابقة ورد الأرواح إليها * (ولقد أريناه آياتنا) * بصرناه إياها أو عرفناه صحتها * (كلها) * تأكيد لشمول الأنواع أو لشمول الأفراد على أن المراد بآياتنا آيات معهودة وهي الآيات التسع المختصة بموسى أو أنه عليه السلام أراه آياته وعدد عليه ما أوتي غيره من المعجزات * (فكذب) * موسى من فرط عناده * (وأبى) * الإيمان والطاعة لعتوه * (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) * أرض مصر * (بسحرك يا موسى) * هذا تعلل وتحير ودليل على أنه علم كونه محقا حتى خاف منه على ملكه فإن الساحر لا يقدر أن يخرج ملكا مثله من أرضه * (فلنأتينك بسحر مثله) * مثله سحرك * (فاجعل بيننا وبينك موعدا) * وعدا لقوله * (لا نخلفه نحن ولا أنت) * فإن الإخلاف لا يلائم الزمان والمكان وانتصاب * (مكانا سوى) * بفعل دل عليه المصدر لا به لأنه موصوف أو بأنه بدل من * (موعدا) * على تقدير مكان مضاف إليه وعلى هذا يكون طباق الجواب في قوله
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»