فإنه من حيث أنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع وهو جمع شتيت كمريض ومرضى أي متفرقات في الصور والأغراض والمنافع يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال * (كلوا وارعوا أنعامكم) * وهو حال من ضمير * (فأخرجنا) * على إرادة القول أي أخرجنا أصناف النبات قائلين * (كلوا وارعوا) * والمعنى معديهما لانتفاعكم بالأكل والعلف آذنين فيه * (إن في ذلك لآيات لأولي النهى) * لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح جمع نهية * (منها خلقناكم) * فإن التراب أصل خلقه أول آبائكم وأول مواد أبدانكم * (وفيها نعيدكم) * بالموت وتفكيك الأجزاء * (ومنها نخرجكم تارة أخرى) * بتأليف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب على الصور السابقة ورد الأرواح إليها * (ولقد أريناه آياتنا) * بصرناه إياها أو عرفناه صحتها * (كلها) * تأكيد لشمول الأنواع أو لشمول الأفراد على أن المراد بآياتنا آيات معهودة وهي الآيات التسع المختصة بموسى أو أنه عليه السلام أراه آياته وعدد عليه ما أوتي غيره من المعجزات * (فكذب) * موسى من فرط عناده * (وأبى) * الإيمان والطاعة لعتوه * (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) * أرض مصر * (بسحرك يا موسى) * هذا تعلل وتحير ودليل على أنه علم كونه محقا حتى خاف منه على ملكه فإن الساحر لا يقدر أن يخرج ملكا مثله من أرضه * (فلنأتينك بسحر مثله) * مثله سحرك * (فاجعل بيننا وبينك موعدا) * وعدا لقوله * (لا نخلفه نحن ولا أنت) * فإن الإخلاف لا يلائم الزمان والمكان وانتصاب * (مكانا سوى) * بفعل دل عليه المصدر لا به لأنه موصوف أو بأنه بدل من * (موعدا) * على تقدير مكان مضاف إليه وعلى هذا يكون طباق الجواب في قوله
(٥٦)