تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٤٧١
* (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) * أي وما أنزلنا القرآن إلا ملتبسا بالحق المقتضي لانزاله وما نزل على الرسول إلا ملتبسا بالحق الذي اشتمل عليه وقيل وما أنزلناه من السماء إلا محفوظا بالرصد من الملائكة وما نزل على الرسول إلا محفوظا بهم من تخليط الشياطين ولعله أراد به نفي اعتراء البطلان له أول الأمر وآخره * (وما أرسلناك إلا مبشرا) * للمطيع بالثواب * (ونذيرا) * للعاصي بالعقاب فلا عليك إلا التبشير والانذار * (وقرآنا فرقناه) * نزلناه مفرقا منجما وقيل فرقنا فيه الحق من الباطل فحذف الجار كما في قوله ويما شهدناه وقرئ بالتشديد لكثرة نجومه فإنه نزل في تضاعيف عشرين سنة * (لتقرأه على الناس على مكث) * على مثل وتؤدة فإنه أيسر للحفظ وأعن في الفهم وقرس بالفتح وهو لغة فيه * (ونزلناه تنزيلا) * على حسب الحوادث * (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا) * فإن ايمانكم بالقرآن لا يزيد كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا وقوله * (إن الذين أوتوا العلم من قبله) * تعليل له أي أن لم تؤمنوا به فقد آمن به من هو خير منكم وهم العلماء الذين قرؤوا الكتب السابقة وعرفوا حقيقة الوحي وامارات النبوة وتمكنوا من الميز بين المحق والمبطل أو رأوا نعتك وصفة ما انزل إليك في تلك الكتب ويجوز أن يكون تعليلا ل * (قل) * على سبيل التسلية كأنه قيل تسل بإيمان العلماء عن إيمان الجهلة ولا تكترث بإيمانهم وإعراضهم * (إذا يتلى عليهم) * القرآن * (يخرون للأذقان سجدا) * يسقطون على وجوههم تعظيما لأمر الله أو شكرا لانجاز وعده في تلك الكتب ببعثه محمد صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل وانزال القرآن عليه * (ويقولون سبحان ربنا) * عن خلف الموعد * (إن كان وعد ربنا لمفعولا) * انه كان وعده كائنا لا محالة * (ويخرون للأذقان يبكون) * كرره لاختلاف الحال والسبب فإن الأول للشكر عند انجاز الوعد والثاني لما اثر فيهم من مواعظ القرآن حال كونهم باكين من خشية الله وذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به * (ويزيدهم) * سماع القرآن * (خشوعا) * كما يزيدهم علما ويقينا بالله
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»