تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٦
ورحمته فإنه لا يخيب داعيه ولا يدع المتجىء إليه أو من الله بنوع من الإلهام * (ما لا تعلمون) * من حياة يوسف قيل رأى ملك الموت في المنام فسأله عنه فقال هو حي وقيل علم من رؤيا يوسف أنه لا يموت حتى يخر له إخوته سجدا * (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) * فتعرفوا منهما وتفحصوا عن حالهما والتحسس تطلب الإحساس * (ولا تيأسوا من روح الله) * ولا تقنطوا من فرجه وتنفيسه وقرئ * (من روح الله) * أي من رحمته التي يحيا بها العباد * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * بالله وصفاته فإن العارف المؤمن لا يقنط من رحمته في شيء من الأحوال * (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز) * بعدما رجعوا إلى مصر رجعة ثانية * (مسنا وأهلنا الضر) * شدة الجوع * (وجئنا ببضاعة مزجاة) * رديئة أو قليلة ترد وتدفع رغبة عنها من أزجيته إذا دفعته ومنه تزجية الزمان قيل كانت دراهم زيوفا وقيل صوفا وسمنا وقيل الصنوبر والحبة الخضراء وقيل الأقط وسويق المقل * (فأوف لنا الكيل) * فأتم لنا الكيل * (وتصدق علينا) * برد أخينا أو بالمسامحة وقبول المزجاة أو بالزيادة على ما يساويها واختلف في أن حرمة الصدقة تعم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو تختص بنبينا صلى الله عليه وسلم * (إن الله يجزي المتصدقين) * أحسن الجزاء والتصدق التفضل مطلقا ومنه قوله عليه الصلاة والسلام في القصر هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته لكنه اختص عرفا بما يبتغي به ثواب من الله تعالى * (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه) * أي هل علمتم قبحه فتبتم عنه وفعلهم بأخيه إفراده عن يوسف وإذلاله حتى لا يستطيع أن يكلمهم إلا بعجز وذلة * (إذ أنتم جاهلون) * قبحه فلذلك أقدمتم عليه أو عاقبته وإنما قال ذلك تنصيحا لهم وتحريضا على التوبة وشفقة عليهم لما رأى من عجزهم وتمسكنهم لا معاقبة وتثريبا وقيل أعطوه كتاب
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»