تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١١٣
* (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم) * يعني أهل مكة حين خرجوا منها لحماية العير * (بطرا) * فخرا وأشرا * (ورئاء الناس) * ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وذلك انهم لما بلغوا الجحفة وأفاهم رسول أبي سفيان أن ارجعوا فقد سلمت عيركم فقال أبو جهل لا والله حتى نقدم بدرا ونشرب فيها الخمور وتعزف علينا القيان ونطعم بها من حضرنا من العرب فوافوها ولكن سقوا كأس المنايا وناحت عليهم النوائح فنهى المؤمنين أن يكونوا أمثالهم بطرين مرائين وأمرهم بأن يكونوا أهل تقوى واخلاص من حيث أن النهي عن الشيء أمر بضده * (ويصدون عن سبيل الله) * معطوف على بطرا أن جعل مصدرا في موضع الحال وكذا أن جعل مفعولا له لكن على تأويل المصدر * (والله بما يعملون محيط) * فيجازيكم عليه * (وإذ زين لهم الشيطان) * مقدر باذكر * (أعمالهم) * في معاداة الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرها بأن وسوس إليهم * (وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم) * مقالة نفسانية والمعنى أنه ألقى في روعهم وخيل إليهم أنهم لا يغلبون ولا يطاقون لكثرة عددهم وعددهم وأوهمهم أن اتباعهم إياه فيما يظنون أنها قربات مجير لهم حتى قالوا اللهم انصر اهدى الفئتين وأفضل الدينين ولكم خبر لا غالب أو صفته وليس صلته وألا لانتصب كقولك لا ضاربا زيدا عندنا * (فلما تراءت الفئتان) * أي تلاقى الفريقان * (نكص على عقبيه) * رجع القهقرى أي بطل كيده وعاد ما خيل إليهم انه مجيرهم سبب هلاكهم * (وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله) * أي تبرأ منهم وخاف عليهم وأيس من حالهم لما رأى امداد الله المسلمين بالملائكة وقيل لما أجمعت قريش على المسير ذكرت ما بينهم وبين كنانة من الاحنة وكاد ذلك يثنيهم فتمثل لهم إبليس بصورة سراقة بن مالك الكناني وقال لا غالب لكم اليوم وإني مجيركم من بني كنانة فلما رأى الملائكة تنزل نكص وكان يده في يد الحارث بن هشام فقال له إلى أين اتخذلنا في هذه الحالة فقال إني أرى ما لا ترون ودفع في صدر الحارث وانطلق وانهزموا فلما بلغوا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغه ذلك فقال والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم فلما اسلموا علموا انه الشيطان وعلى هذا يحتمل أن يكون معنى قوله * (إني أخاف الله) * إني أخافه أن
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»