وروي أن عمر رضي الله عنه قال له لو فعلت حتى ننظر إلى ماذا يصيرون فدعا بالصحيفة وبعلي رضي الله تعالى عنه ليكتب فنزلت والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام وقيل صلاتا الصبح والعصر وقرأ ابن عامر بالغدوة هنا وفي الكهف * (يريدون وجهه) * حال من يدعون أي يدعون ربهم مخلصين فيه قيد الدعاء بالإخلاص تنبيها على أنه ملاك الأمر ورتب النهي عليه إشعارا بأنه يقتضي إكرامهم وينافي إبعادهم * (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) * أي ليس عليك حساب إيمانهم فلعل إيمانهم عند الله أعظم من إيمان من تطردهم بسؤالهم طمعا في إيمانهم لو آمنوا أوليس عليك اعتبار بواطهنم وإخلاصهم لما اتسموا بسيرة المتقين وإن كان لهم باطن غير مرضي كما ذكره المشركون وطعنوا في دينهم فحسابهم عليهم لا يتعداهم إليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم وقيل ما عليك من حساب رزقهم أي من فقرهم وقيل الضمير للمشركين والمعنى لا تؤاخذ بحسابهم ولا هم بحسابك حتى يهمك إيمانهم بحيث تطرد المؤمنين طمعا فيه * (فتطردهم) * فتبعدهم وهو جواب النفي * (فتكون من الظالمين) * جواب النهي ويجوز عطفه على فتطردهم على وجه التسبب وفيه نظر * (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) * ومثل ذلك الفتن وهو اختلاف أحوال الناس في أمور الدنيا * (فتنا) * أي ابتلينا بعضهم ببعض في أمر الدنيا فقدمنا هؤلاء الضعفاء على أشراف قريش بالسبق إلى الإيمان * (ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) * أي أهؤلاء من أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لما يسعدهم دوننا ونحن الأكابر والرؤساء وهم المساكين والضعفاء وهو إنكار لأن يخص هؤلاء من بينهم بإصابة الحق والسبق إلى الخير كقولهم * (لو كان خيرا ما سبقونا إليه) * واللام للعاقبة أو للتعليل على أن فتنا متضمن معنى
(٤١٢)