من التقدير. وقيل: المعنى بل نقدر قادرين. قال الفراء: " قادرين " نصب على الخروج من " نجمع " أي نقدر ونقوى " قادرين " على أكثر من ذلك. وقال أيضا: يصلح نصبه على التكرير أي " بلى " فليحسبنا قادرين. وقيل: المضمر (كنا) أي كنا قادرين في الابتداء، وقد اعترف به المشركون. وقرأ ابن أبي عبلة وابن السميقع " بلى قادرون " بتأويل نحن قادرون. (على أن نسوي بنانه) البنان عند العرب: الأصابع، واحدها بنانة، قال النابغة:
بمخضب رخص كأن بنانه * عنم يكاد من اللطافة يعقد (1) وقال عنترة:
وأن الموت طوع يدي إذا ما * وصلت بنانها بالهندواني فنبه بالبنان على بقية الأعضاء. وأيضا فإنها أصغر العظام، فخصها بالذكر لذلك. قال القتبي والزجاج: وزعموا أن الله لا يبعث الموتى ولا يقدر على جمع العظام، فقال الله تعالى: بلى قادرين على أن نعيد السلاميات على صغرها، ونؤلف بينها حتى تستوي، ومن قدر على هذا فهو على جمع الكبار أقدر. وقال ابن عباس وعامة المفسرين: المعنى " على أن نسوي بنانه " أي نجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخف البعير، أو كحافر الحمار، أو كظلف الخنزير، ولا يمكنه أن يعمل به شيئا، ولكنا فرقنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء. وكان الحسن يقول: جعل لك أصابع فأنت تبسطهن، وتقبضهن بهن، ولو شاء الله لجمعهن فلم تتق الأرض إلا بكفيك. وقيل: أي نقدر أن نعيد الانسان في هيئة البهائم، فكيف في صورته التي كان عليها، وهو كقوله تعالى: " وما نحن بمسبوقين. على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون " [الواقعة: 60 - 61].
قلت: والتأويل الأول أشبه بمساق الآية. والله أعلم.
قوله تعالى: (بل يريد الانسان ليفجر أمامه) قال ابن عباس: يعني الكافر يكذب بما أمامه من البعث والحساب. وقاله عبد الرحمن بن زيد، ودليله: " يسأل أيان يوم القيامة "