والحركات، قاله مجاهد وابن أبي مليكة وغيرهما. وقال ابن عباس بمعناه، أي يواطئ السمع القلب، قال الله تعالى: " ليواطئوا عدة ما حرم الله " [التوبة: 37] أي ليوافقوا. وقيل: المعنى أشد مهادا للتصرف في التفكر والتدبر. والوطاء خلاف الغطاء. وقيل: " أشد وطئا " بسكون الطاء وفتح الواو أي أشد ثباتا من النهار، فإن الليل يخلو فيه الانسان بما يعمله، فيكون ذلك أثبت للعمل وأتقى (1) لما يلهى ويشغل القلب. والوطئ الثبات، تقول: وطئت الأرض بقدمي. وقال الأخفش: أشد قياما. الفراء: أثبت قراءة وقياما. وعنه: " أشد وطئا " أي أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت فراغ عن اشتغال المعاش فعبادته تدوم ولا تنقطع. وقال الكلبي: " أشد وطئا " أي أشد نشاطا للمصلي، لأنه في زمان راحته. وقال عبادة: " أشد وطأ " أي نشاطا للمصلي وأخف، وأثبت للقراءة.
الرابعة - قوله تعالى: (وأقوم قيلا) أي القراءة بالليل أقوم منها بالنهار، أي أشد استقامة واستمرارا على الصواب، لان الأصوات هادئة، والدنيا ساكنة، فلا يضطرب على المصلي ما يقرؤه. قال قتادة ومجاهد: أي أصوب للقراءة وأثبت للقول، لأنه زمان التفهم.
وقال أبو علي: " أقوم قيلا " أي أشد استقامة لفراغ البال بالليل. وقيل: أي أعجل إجابة للدعاء. حكاه ابن شجرة. وقال عكرمة: عبادة الليل أتم نشاطا، وأتم إخلاصا، وأكثر بركة.
وعن زيد ابن أسلم: أجدر أن يتفقه في القرآن. وعن الأعمش قال: قرأ أنس بن مالك " إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا " فقيل له: " وأقوم قيلا " فقال: أقوم وأصوب وأهيأ: سواء. قال أبو بكر الأنباري: وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو مصيب، إذا لم يخالف معنى ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا. وهو قول لا يعرج عليه ولا يلتفت إلى قائله، لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع " الحمد لله رب العالمين " [الفاتحة: 2]: الشكر للباري ملك المخلوقين، ويتسع الامر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفتريا على الله عز وجل، كاذبا على رسوله صلى