لفظة، كقولك: عشرون وثلاثون، والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية، قالوا في المذكر والمؤنث بالنون. وهي معنى قول الطبري. وقال الزجاج: إعراب هذا الاسم كإعراب الجمع، كما تقول: هذه قنسرون، ورأيت قنسرين. وقال يونس النحوي وأحدها: علي وعلية. وقال أبو الفتح: عليين: جمع على، وهو فعيل من العلو. وكان سبيله أن يقول علية كما قالوا للغرفة علية، لأنها من العلو، فلما حذف التاء من علية عوضوا منها الجمع بالواو والنون، كما قالوا في أرضين. وقيل: إن عليين صفة للملائكة، فإنهم الملأ الأعلى ، كما يقال: فلان في بني فلان، أي هو في جملتهم وعندهم. والذي في الخبر من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل عليين لينظرون إلى الجنة من كذا، فإذا أشرف رجل من أهل عليين أشرقت الجنة لضياء وجهه، فيقولون: ما هذا النور؟
فيقال أشرف رجل من أهل عليين الأبرار أهل الطاعة والصدق). وفي خبر آخر: (إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء) يدل على أن عليين اسم الموضع المرتفع. وروى ناس عن ابن عباس في قوله " عليين " قال: أخبر أن أعمالهم وأرواحهم في السماء الرابعة. ثم قال: (وما أدراك ما عليون) أي ما الذي أعلمك يا محمد أي شئ عليون؟ على جهة التفخيم والتعظيم له في المنزلة الرفيعة. ثم فسره له فقال: " كتاب مرقوم يشهده المقربون ". وقيل: إن (كتاب مرقوم) ليس تفسيرا لعليين، بل تم الكلام عند قوله " عليون " ثم ابتدأ وقال: " كتاب مرقوم " أي كتاب الأبرار كتاب مرقوم ولهذا عكس الرقم في كتاب الفجار، قاله القشيري. وروي: أن الملائكة تصعد بعمل العبد، فيستقبلونه (1) فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم: إنكم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه أخلص لي عمله، فاجعلوه في عليين، فقد غفرت له، وإنها لتصعد بعمل العبد، فيتركونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم: أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سجين.