كانت بعد الانسان. وقال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره: هل أتى حين من الدهر لم يكن الانسان شيئا مذكورا، لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله، ولم يخلق بعده حيوانا.
وقد قيل: " الانسان " في قوله تعالى " هل أتى على الانسان حين " عني به الجنس من ذرية آدم، وأن الحين تسعة أشهر، مدة حمل الانسان في بطن أمه " لم يكن شيئا مذكورا ":
إذ كان علقة ومضغة، لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له. وقال أبو بكر رضي الله عنه لما قرأ هذه الآية: ليتها تمت فلا نبتلى. أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك، فلا يلد ولا يبتلى أولاده. وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقرأ " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " فقال ليتها تمت.
قوله تعالى: " إنا خلقنا الانسان " أي ابن آدم من غير خلاف " من نطفة " أي من ماء يقطر وهو المني، وكل ماء قليل في وعاء فهو نطفة، كقول عبد الله بن رواحة يعاتب نفسه:
مالي أراك تكرهين الجنة * هل أنت إلا نطفة في شنه (1) وجمعها: نطف ونطاف. (أمشاج): أخلاط. واحدها: مشج ومشيج، مثل خدن وخدين، قال: رؤبة:
يطرحن كل معجل نشاج * لم يكس جلدا في دم أمشاج ويقال: مشجت هذا بهذا أي خلطته، فهو ممشوج ومشيج، مثل مخلوط وخليط. وقال المبرد: واحد الأمشاج: مشيج، يقال: مشج يمشج: إذا خلط، وهو هنا اختلاط النطفة بالدم، قال الشماخ:
طوت أحشاء مرتجة لوقت * على مشج سلالته مهين وقال الفراء: أمشاج: أخلاط ماء الرجل وماء المرأة، والدم والعلقة. ويقال للشئ من هذا إذا خلط: مشيج كقولك خليط، وممشوج كقولك مخلوط. وروى عن ابن عباس رضي الله عنه