يقال: جاءني عنق من الناس أي جماعة. وقيل: إنما أراد أصحاب الأعناق، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. قتادة: المعنى لو شاء لأنزل آية يذلون بها فلا يلوى أحد منهم عنقه إلى معصية. ابن عباس: نزلت فينا وفي بني أمية ستكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد معاوية، ذكره الثعلبي والغزنوي. وخاضعين وخاضعة هنا سواء، قاله عيسى بن عمر واختاره المبرد. والمعنى: إنهم إذا ذلت رقابهم ذلوا، فالاخبار عن الرقاب إخبار عن أصحابها. ويسوغ في كلام العرب أن تترك الخبر عن الأول وتخبر عن الثاني، قال الراجز:
طول الليالي أسرعت في نقضي * طوين طولى وطوين عرضى فأخبر عن الليالي وترك الطول. وقال جرير (1):
أرى مر السنين أخذن منى * كما أخذ السرار من الهلال وإنما جاز ذلك لأنه لو أسقط مر وطول من الكلام لم يفسد معناه، فكذلك رد الفعل إلى، الكناية في قوله: " فظلت أعناقهم " لأنه لو أسقط الأعناق لما فسد الكلام، ولأدى ما بقي من الكلام عنه حتى يقول: فظلوا لها خاضعين. وعلى هذا اعتمد الفراء وأبو عبيدة.
والكسائي يذهب إلى أن المعنى خاضعيها هم، وهذا خطأ عند البصريين والفراء. ومثل هذا الحذف لا يقع في شئ من الكلام، قاله النحاس.
قوله تعالى: (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين) تقدم في " الأنبياء (2) ". (فقد كذبوا) أي أعرضوا ومن أعرض عن شئ ولم يقبله فهو تكذيب له. (فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون) وعيد لهم، أي فسوف يأتيهم عاقبة ما كذبوا والذي استهزءوا به.
قوله تعالى: (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم) نبه على عظمته وقدرته وأنهم لو رأوا بقلوبهم ونظروا ببصائرهم لعلموا أنه الذي يستحق أن يعبد، إذ هو القادر على كل شئ. والزوج هو اللون، قال الفراء. و " حسن شريف، وأصل