آخر (1): ألا أبلغ بني عمرو رسولا * بأني عن فتاحتكم غني (1) وقال العباس بن مرداس:
ألا من مبلغ عنى خفافا * رسولا بيت أهلك منتهاها يعني رسالة فلذلك أنثها. قال أبو عبيد: ويجوز أن يكون الرسول في معنى الاثنين والجمع، فتقول العرب: هذا رسولي ووكيلي، وهذان رسولي ووكيلي، وهؤلاء رسولي ووكيلي.
ومنه قوله تعالى: (فإنهم عدو لي). وقيل: معناه إن كل واحد منا رسول رب العالمين.
(أن أرسل معنا بني إسرائيل) أي أطلقهم وخل سبيلهم حتى يسيروا معنا إلى فلسطين ولا تستعبدهم، وكان فرعون استعبدهم أربعمائة سنة، وكانوا في ذلك الوقت ستمائة ألف وثلاثين ألفا. فانطلقا إلى فرعون فلم يؤذن لهما سنة في الدخول عليه، فدخل البواب على فرعون فقال: ها هنا إنسان يزعم أنه رسول رب العالمين. فقال فرعون: ايذن له لعلنا نضحك منه، فدخلا عليه وأديا الرسالة. وروى وهب وغيره: أنهما لما دخلا على فرعون وجداه وقد أخرج سباعا من أسد ونمور وفهود يتفرج عليها، فخاف سواسها أن تبطش بموسى وهرون، فأسرعوا إليها، وأسرعت السباع إلى موسى وهرون، فأقبلت تلحس أقدامهما، وتبصبص إليهما بأذنابها، وتلصق خدودها بفخذيهما، فعجب فرعون من ذلك فقال: ما أنتما؟ قالا:
" إنا رسول رب العالمين " فعرف موسى لأنه نشأ في بيته، ف (قال ألم نربك فينا وليدا) على جهة المن عليه والاحتقار. أي ربيناك صغيرا ولم نقتلك في جملة من قتلنا (ولبثت فينا من عمرك سنين) فمتى كان هذا الذي تدعيه. ثم قرره بقتل القبطي بقوله: (وفعلت فعلتك التي فعلت) والفعلة بفتح الفاء المرة من الفعل. وقرأ الشعبي: " فعلتك " بكسر الفاء والفتح أولى، لأنها المرة الواحدة، والكسر بمعنى الهيئة والحال، أي فعلتك التي تعرف فكيف تدعي مع علمنا أحوالك بأن الله أرسلك. وقال الشاعر:
كأن مشيتها من بيت جارتها * مر السحابة لا ريث ولا عجل