قوله تعالى: (فإذا ركبوا في الفلك) يعني السفن وخافوا الغرق (دعوا الله مخلصين له الدين) أي صادقين في نياتهم، وتركوا عبادة الأصنام ودعاءها. (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) أي يدعون معه غيره، وما ينزل به سلطانا. وقيل: إشراكهم أن يقول قائلهم لولا الله والرئيس أو الملاح لغرقنا، فيجعلون ما فعل الله لهم من النجاة قسمة بين الله وبين خلقه.
قوله تعالى: (ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا) قيل: هما لام كي أي لكي يكفروا ولكي يتمتعوا. وقيل: " إذا هم يشركون " ليكون ثمرة شركهم أن يجحدوا نعم الله ويتمتعوا بالدنيا. وقيل: هما لام أمر معناه التهديد والوعيد. أي أكفروا بما أعطيناكم من النعمة والنجاة من البحر وتمتعوا. ودليل هذا قراءة أبى " وتمتعوا " ابن الأنباري: ويقوي هذا قراءة الأعمش ونافع وحمزة: " وليتمتعوا " بجزم اللام. النحاس: " وليتمتعوا " لام كي، ويجوز أن تكون لام أمر، لان أصل لام الامر الكسر، إلا أنه أمر فيه معنى التهديد.
ومن قرأ: " وليتمتعوا " بإسكان اللام لم يجعلها لام كي، لان لام كي لا يجوز إسكانها وهي قراءة ابن كثير والمسيبي وقالون عن نافع، وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم الباقون بكسر اللام. وقرأ أبو العالية: " ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون " تهديد ووعيد.
قوله تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون (67) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين (68) قوله تعالى: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) قال عبد الرحمن بن زيد: هي مكة وهم قريش أمنهم الله تعالى فيها. " ويتخطف الناس من حولهم " قال الضحاك: يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا. والخطف الاخذ بسرعة. وقد مضى في " القصص "