قوله تعالى: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون (61) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شئ عليم (62) قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض) الآية. لما عير المشركون المسلمين بالفقر وقالوا لو كنتم على حق لم تكونوا فقراء، وكان هذا تمويها، وكان في الكفار فقراء أيضا أزال الله هذه الشبهة. وكذا قول من قال إن هاجرنا لم نجد ما ننفق. أي فإذا اعترفتم بأن الله خالق هذه الأشياء، فكيف تشكون في الرزق، فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن رزق العبد، ولهذا وصله بقوله تعالى: " الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ". (فأنى يؤفكون) أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي.
(الله يبسط الرزق لمن يشاء) أي لا يختلف أمر الرزق بالايمان والكفر، فالتوسيع والتقتير منه فلا تعيير بالفقر، فكل شئ بقضاء وقدر. (إن الله بكل شئ عليم) من أحوالكم وأموركم. وقيل: عليم بما يصلحكم من إقتار أو توسيع.
قوله تعالى: ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون (63) وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (64) قوله تعالى: (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء) أي من السحاب مطرا. (فأحيا به الأرض من بعد موتها) أي جدبها وقحط أهلها. (ليقولن الله) أي فإذا أقررتم بذلك فلم تشركون به وتنكرون الإعادة. وإذ قدر على ذلك فهو القادر على إغناء المؤمنين، فكرر تأكيدا.
(قل الحمد لله) أي على ما أوضح من الحجج والبراهين على قدرته. (بل أكثرهم لا يعقلون)