والمنكر تترتب فيها هذه الآية، وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. وقاله مالك. وقال مجاهد:
" إن أرضي واسعة " فهاجروا وجاهدوا. وقال مطرف بن الشخير: المعنى إن رحمتي واسعة.
وعنه أيضا: إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض. قال سفيان الثوري: إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم. وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرضى الجنة واسعة. " فاعبدون " حتى أورثكموها. " فإياي فاعبدون " " إياي " منصوب بفعل مضمر، أي فاعبدوا إياي فاعبدون، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني، والفاء في قوله:
" فإياي " بمعني الشرط، أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني [في غيره] (1)، لان أرضي واسعة.
قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) تقدم في " آل عمران " (2). وإنما ذكره ها هنا تحقيرا لأمر الدنيا ومخاوفها. كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه من مكة أنه يموت أو يجوع أو نحو هذا، فحقر الله شأن الدنيا. أي أنتم لا محالة ميتون ومحشورون إلينا، فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه وإلى ما يمتثل. ثم وعد المؤمنين العاملين بسكنى الجنة تحريضا منه تعالى، وذكر الجزاء الذي ينالونه، ثم نعتهم بقوله: (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) وقرأ أبو عمر ويعقوب والجحدري وأبن أبي أسحق وابن محيصن والأعمش وحمزة والكسائي وخلف " يا عبادي " بإسكان الياء. وفتحها الباقون. " إن أرضى " فتحها ابن عامر. وسكنها الباقون. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو قيد شبر استوجب الجنة وكان رفيق محمد وإبراهيم " عليهما السلام. " ثم إلينا ترجعون ". وقرأ السلمي وأبو بكر عن عاصم " يرجعون " بالياء، لقوله " كل نفس ذائقة الموت " وقرأ الباقون بالتاء، لقوله " يا عبادي الذين آمنوا " وأنشد بعضهم:
الموت في كل حين ينشد الكفنا * ونحن في غفلة عما يراد بنا لا تركنن إلى الدنيا وزهرتها * وإن توشحت من أثوابها الحسنا