(ومنهم من أخذته الصيحة) يعني ثمودا وأهل مدين. (ومنهم من خسفنا به الأرض) يعني قارون (ومنهم من أغرقنا) قوم نوح وقوم فرعون. (وما كان الله ليظلمهم) لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر.
قوله تعالى: مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ وهو العزيز الحكيم (42) وتلك الأمثل نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (43) قوله تعالى: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت) قال الأخفش: " كمثل العنكبوت " وقف تام، ثم قصتها فقال: (أتخذت بيتا) قال ابن الأنباري: وهذا غلط، لان " أتخذت بيتا " صلة للعنكبوت، كأنه قال: كمثل التي أتخذت بيتا، فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول، وهو بمنزلة قوله: " كمثل الحمار يحمل أسفارا " فيحمل صلة للحمار ولا يحسن الوقف على الحمار دون يحمل. قال الفراء:
هو مثل ضربه الله سبحانه لمن أتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره، كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا. ولا يحسن الوقف على العنكبوت، لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شئ، فشبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به. (وإن أوهن البيوت) أي أضعف البيوت (لبيت العنكبوت). قال الضحاك: ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت. (لو كانوا يعلمون) " لو " متعلقه ببيت العنكبوت.
أي لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا، وأن هذا مثلهم لما عبدوها، لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف. وقال النحاة: أن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة، لأنها تسقط في التصغير والجمع وهي مؤنثة. وحكى الفراء تذكيرها وأنشد:
على هطالهم منهم بيوت * كأن العنكبوت قد ابتناها