فقال الله تعالى: " إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " أي إلى أهل مصر. حكى الأصمعي قال سمعت جارية أعرابية تنشد وتقول:
أستغفر الله لذنبي كله * قبلت إنسانا بغير حله مثل الغزال ناعما في دله * فانتصف الليل ولم أصله فقلت: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أو يعد هذا فصاحة مع قوله تعالى: " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه " الآية، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
قوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) لما كان التقاطهم إياه يؤدي إلى كونه لهم عدوا وحزنا، فاللام في " ليكون " لام العاقبة ولام الصيرورة، لأنهم إنما أخذوه ليكون لهم قرة عين، فكان عاقبة ذلك أن كان لهم عدوا وحزنا. فذكر الحال بالمآل، كما قال الشاعر:
وللمنايا تربي كل مرضعة * ودورنا لخراب الدهر نبنيها وقال آخر:
فللموت تغذو الوالدات سخالها * كما لخراب الدهر تبنى المساكن أي فعاقبة البناء الخراب وإن كان في الحال مفروحا به والالتقاط وجود الشئ من غير طلب ولا إرادة، والعرب تقول لما وجدته من غير طلب ولا إرادة: التقطه التقاطا. ولقيت فلانا التقاطا. قال الراجز (1):
* ومنهل وردته التقاطا * ومنه اللقطة. وقد مضى بيان ذلك من الاحكام في سورة " يوسف " (2) بما فيه كفاية وقرأ الأعمش ويحيي والمفضل وحمزة والكسائي وخلف " وحزنا " بضم الحاء وسكون الزاي.
الباقون بفتحهما واختاره أبو عبيد وأبو حاتم قال التفخيم (3) فيه. وهما لغتان مثل العدم