قوله تعالى: قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون (72) وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (73) وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون (74) وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتب مبين (75) قوله تعالى: (قل عسى أن يكون ردف لكم) أي اقترب لكم ودنا منكم " بعض الذي تستعجلون " أي من العذاب، قاله ابن عباس. وهو من ردفه إذا تبعه وجاء في أثره، وتكون اللام أدخلت لان المعنى اقترب لكم ودنا لكم. أو تكون متعلقة بالمصدر. وقيل:
معناه معكم. وقال ابن شجرة: تبعكم، ومنه ردف المرأة، لأنه تبع لها من خلفها، ومنه قول أبى ذؤيب:
عاد السواد بياضا في مفارقه * لا مرحبا ببياض الشيب إذ ردفا قال الجوهري: وأردفه أمر لغة في ردفه، مثل تبعه وأتبعه بمعنى، قال خزيمة بن مالك بن نهد:
إذا الجوزاء أردفت الثريا * ظننت بآل فاطمة الظنونا يعنى فاطمة بنت يذكر بن عنزة أحد القارظين. وقال الفراء: " ردف لكم " دنا لكم ولهذا قال " لكم ". وقيل: ردفه وردف له بمعنى فتزاد اللام للتوكيد، عن الفراء أيضا. كما تقول نقدته ونقدت له، وكلته ووزنته، وكلت له ووزنت له، ونحو ذلك. " بعض الذي تستعجلون " من العذاب فكان ذلك يوم بدر. وقيل: عذاب القبر. (وإن ربك لذو فضل على الناس) في تأخير العقوبة وإدرار الرزق (ولكن أكثرهم لا يشكرون) فضله ونعمه.
قوله تعالى: (وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم) أي تخفى صدورهم (وما يعلنون) يظهرون في الأمور. وقرأ ابن محيصن وحميد: " ما تكن " من كننت الشئ إذا سترته هنا.
وفي " القصص " تقديره: ما تكن صدورهم عليه، وكأن الضمير الذي في الصدور كالجسم الساتر. ومن قرأ: " تكن " فهو المعروف، يقال: أكننت الشئ إذا أخفيته في نفسك.