قلت: وجميع الأقوال عند التأمل ترجع إلى معنى واحد. والدليل عليه آخر الآية " إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " وقرئ " أن " بفتح الهمزة وسيأتي. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها [لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير] (1) طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض " وقد مضى. واختلف في تعيين هذه الدابة وصفتها ومن أين تخرج اختلافا كثيرا، قد ذكرناه في كتاب " التذكرة " ونذكره هنا إن شاء الله تعالى مستوفي.
فأول الأقوال أنه فصيل ناقة صالح وهو أصحها - والله أعلم - لما ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال: " لها ثلاث خرجات من الدهر فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تحرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية " يعني مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب فأرفض الناس منها شتى ومعا وثبتت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول يا فلان الآن تصلي فتقبل عليه فتسمه في وجهه ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال ويصطلحون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر حتى إن المؤمن يقول يا كافر اقض حقي ". وموضع الدليل من هذا الحديث أنه الفصيل قول: " وهي ترغو " والرغاء إنما هو للإبل، وذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب فانفتح له حجر فدخل في جوفه ثم انطبق عليه، فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل. وروي أنها دابة مزغبة شعراء، ذات قوائم طولها ستون ذراعا، ويقال إنها الجساسة، وهو قول عبد الله بن عمر وروي عن ابن عمر أنها على خلقة الآدميين، وهي في السحاب وقوائمها في الأرض. وروي أنها جمعت من خلق