وحكى أبو حاتم أن عكرمة قرأ: " الذي يخرج الخبا " بألف غير مهموزة، وزعم أن هذا لا يجوز في العربية، واعتل بأنه إن خفف الهمزة ألقى حركتها على الباء فقال " الخب في السماوات والأرض " وأنه إن حول الهمزة قال: الخبى بإسكان الباء وبعدها ياء. قال النحاس:
وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول: كان أبو حاتم دون أصحابه في النحو ولم يلحق بهم إلا أنه إذا خرج من بلده لم يلق أعلم منه. وحكى سيبويه عن العرب أنها تبدل من الهمزة ألفا إذا كان قبلها ساكن وكانت مفتوحة، وتبدل منها واوا إذا كان قبلها ساكن وكانت مضمومة، وتبدل منها ياء إذا كان قبلها ساكن وكانت مكسورة، فتقول: هذا الوثو وعجبت من الوثى ورأيت الوثا، وهذا من وثئت يده، وكذلك هذا الخبو وعجبت من الخبى، ورأيت الخبا، وإنما فعل هذا لان الهمزة خفيفة فأبدل منها هذه الحروف. وحكى سيبويه عن قوم من بنى تميم وبنى أسد أنهم يقولون: هذا الخبؤ، يضمون الساكن إذا كانت الهمزة مضمومة، ويثبتون الهمزة ويكسرون الساكن إذا كانت الهمزة مكسورة، ويفتحون الساكن إذا كانت الهمزة مفتوحة. وحكى سيبويه أيضا أنهم يكسرون وإن كانت الهمزة مضمومة، إلا أن هذا عن بنى تميم، فيقولون: الردئ (1)، وزعم أنهم لم يضموا الدال لأنهم كرهوا ضمة قبلها كسرة، لأنه ليس في الكلام فعل. وهذه كلها لغات داخلة على اللغة التي قرأ بها الجماعة، وفي قراءة عبد الله " الذي يخرج الخبأ من السماوات " و " من " و " في " يتعاقبان، تقول العرب: لاستخرجن العلم فيكم يريد منكم، قاله الفراء. (ويعلم ما يخفون وما يعلنون) قراءة العامة فيهما بياء، وهذه القراءة تعطى أن الآية من كلام الهدهد، وأن الله تعالى خصه من المعرفة بتوحيده ووجوب السجود له، وإنكار سجودهم للشمس، وإضافته للشيطان، وتزيينه لهم، ما خص به غيره من الطيور وسائر الحيوان، من المعارف اللطيفة التي لا تكاد العقول الراجحة تهتدى لها. وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر وحفص والكسائي " تخفون " و " تعلنون " بالتاء على الخطاب، وهذه القراءة تعطى أن الآية