من خطاب الله عز وجل لامة محمد صلى الله عليه وسلم. (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) قرأ ابن محيصن " العظيم " رفعا نعتا لله. الباقون بالخفض نعتا للعرش. وخص بالذكر لأنه أعظم المخلوقات وما عداه في ضمنه وقبضته.
الرابعة عشرة - قوله تعالى: (سننظر) من النظر الذي هو التأمل والتصفح.
(أصدقت أم كنت من الكاذبين) في مقالتك. و " كنت " بمعنى أنت. وقال:
" سننظر أصدقت " ولم يقل سننظر في أمرك، لان الهدهد لما صرح بفخر العلم في قوله:
" أحطت بما لم تحط به " صرح له سليمان بقوله: سننظر أصدقت أم كذبت، فكان ذلك [كفاء] (1) لما قاله.
الخامسة عشرة - في قوله: " أصدقت أم كنت من الكاذبين " دليل على أن الامام يجب عليه أن يقبل عذر رعيته، ويدرأ العقوبة عنهم في ظاهر أحوالهم بباطن أعذارهم، لان سليمان لم يعاقب الهدهد حين أعتذر إليه. وإنما صار صدق الهدهد عذرا لأنه أخبر بما يقتضى الجهاد، وكان سليمان عليه السلام حبب إليه الجهاد. وفي الصحيح: " ليس أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل ". وقد قبل عمر عذر النعمان بن عدي ولم يعاقبه. ولكن للامام أن يمتحن ذلك إذا تعلق به حكم من أحكام الشريعة. كما فعل سليمان، فإنه لما قال الهدهد: " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم " لم يستفزه الطمع، ولا استجره حب الزيادة في الملك إلى أن يعرض له حتى قال: " وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله " فغاظه حينئذ ما سمع، وطلب الانتهاء إلى ما أخبر، وتحصيل علم ما غاب عنه من ذلك، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين " ونحو منه ما رواه الصحيح عن المسور بن مخرمة، حين استشار عمر الناس في إملاص المرأة وهي التي يضرب بطنها فتلقى جنينها، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة. قال فقال عمر: ايتني بمن يشهد معك، قال: فشهد له محمد بن مسلمة وفي رواية فقال: لا تبرح حتى تأتى بالمخرج