وقال عليه السلام: (لولا الايمان لكان لي ولها شأن). وأما ما احتج به الثوري وأبو حنيفة فهي حجج لا تقوم على ساق، منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعة ليس بينهم لعان ليس بين الحر والأمة لعان وليس بين الحرة والعبد لعان وليس بين المسلم واليهودية لعان وليس بين المسلم والنصرانية لعان). أخرجه الدارقطني من طرق ضعفها كلها. وروى عن الأوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قوله، ولم يرفعه (1) إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتجوا من جهة النظر أن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله: " ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " وجب ألا يلاعن إلا من تجوز شهادته. وأيضا فلو كانت يمينا ما رددت، والحكمة في ترديدها قيامها في الاعداد مقام الشهود في الزنى. قلنا: هذا يبطل بيمين القسامة فإنها تكرر وليست بشهادة إجماعا، والحكمة في تكرارها التغليظ في الفروج والدماء. قال ابن العربي: والفيصل في أنها يمين لا شهادة أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب، وكيف يجوز لاحد أن يدعى في الشريعة أن شاهدا يشهد لنفسه بما يوجب حكما على غيره هذا بعيد في الأصل معدوم في النظر.
السادسة - واختلف العلماء في ملاعنة الأخرس، فقال مالك والشافعي: يلاعن، لأنه ممن يصح طلاقه وظهاره وإيلاؤه، إذا فهم ذلك عنه. وقال أبو حنيفة: لا يلاعن، لأنه ليس من أهل الشهادة، ولأنه قد ينطق بلسانه فينكر اللعان، فلا يمكننا إقامة الحد عليه.
وقد تقدم هذا المعنى في سورة " مريم " (2) والدليل عليه، والحمد لله.
السابعة - قال ابن العربي: رأى أبو حنيفة عموم الآية فقال: إن الرجل إذا قذف زوجته بالزنى قبل أن يتزوجها فإنه يلاعن، ونسي أن ذلك قد تضمنه قوله تعالى:
" والذين يرمون المحصنات " وهذا رماها محصنة غير زوجة، وإنما يكون اللعان في قذف يلحق فيه النسب، وهذا قذف لا يلحق فيه نسب فلا يوجب لعانا، كما لو قذف أجنبية.