جلدناك. فقالت: ردوني إلى أهلي غيري نغرة (1). قال أبو عبيد: في هذا الحديث من الفقه أن على الرجل إذا واقع جارية امرأته الحد.
وفيه أيضا: إذا قذفه بذلك قاذف كان على قاذفه الحد، ألا تسمع قوله: وإن كنت كاذبة جلدناك. ووجه هذا كله إذا لم يكن الفاعل جاهلا بما يأتي وبما يقول، فإن كان جاهلا وادعى شبهة درئ عنه الحد في ذلك كله.
وفيه أيضا أن رجلا لو قذف رجلا بحضرة حاكم وليس المقذوف بحاضر أنه لا شئ على القاذف حتى يجئ فيطلب حده، لأنه لا يدرى لعله يصدقه، ألا ترى أن عليا عليه السلام لم يعرض لها.
وفيه أن الحاكم إذا قذف عنده رجل ثم جاء المقذوف فطلب حقه أخذه الحاكم بالحد بسماعه، ألا تراه يقول: وإن كنت كاذبة جلدناك، وهذا لأنه من حقوق الناس.
قلت: اختلف هل هو من حقوق الله أو من حقوق الآدميين، وسيأتي. قال أبو عبيد:
قال الأصمعي سألني شعبة عن قوله: " غيري نغرة " فقلت له: هو مأخوذ من نغر القدر، وهو غليانها وفورها يقال منه: نغرت تنغر، ونغرت تنغر إذا غلت. فمعناه أنها أرادت أن جوفها يغلى من الغيظ والغيرة لما لم تجد عنده ما تريد. قال: ويقال منه رأيت فلانا يتنغر على فلان أي يغلى جوفه عليه غيظا.
الثانية عشرة - من قذف زوجة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حد حدين، قاله مسروق. قال ابن العربي: والصحيح أنه حد واحد، لعموم قوله تعالى: " والذين يرمون المحصنات " الآية، ولا يقتضي شرفهن زيادة في حد من قذفهن، لان شرف المنزلة لا يؤثر في الحدود، ولا نقصها يؤثر في الحد بتنقيص. والله أعلم. وسيأتي الكلام فيمن قذف عائشة رضي الله عنها، هل يقتل أم لا.
الثالثة عشرة - قوله تعالى: (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) الذي يفتقر إلى أربعة شهداء دون سائر الحقوق هو الزنى، رحمة بعباده وسترا لهم. وقد تقدم في سورة النساء (2).