تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٤
والله أحق أن يخشاه، ولا يتكبر على أحد من عباد الله، فإنه مؤلف من أقذار، مشحون من أوضار (1)، صائر إلى جنة إن أطاع أو إلى نار. وقال ابن العربي: وكان شيوخنا يستحبون أن ينظر المرء في الأبيات الحكمية التي جمعت هذه الأوصاف العلمية:
كيف يزهو من رجيعه (2) * أبد الدهر ضجيعه فهو منه وإليه * وأخوه ورضيعه وهو يدعوه إلى الحش * (3) بصغر فيعطيه قوله تعالى: (وما خلق الله من شئ) معطوف على ما قبله، أي وفيما خلق الله من الأشياء. (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) أي وفي آجالهم التي عسى أن تكون قد قربت، فهو في موضع خفض معطوف على ما قبله. وقال ابن عباس: أراد باقتراب الأجل يوم بدر ويوم أحد. (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي بأي قرآن غير ما جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم (4)) يصدقون. وقيل: الهاء للأجل، على معنى بأي حديث بعد الأجل يؤمنون حين لا ينفع الإيمان، لأن الآخرة ليست بدار تكليف.
قوله تعالى: من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (186) بين أن إعراضهم لأن الله أضلهم. وهذا رد على القدرية. (ويذرهم في طغيانهم) بالرفع على الاستئناف. وقرئ بالجزم حملا على موضع الفاء وما بعدها. (يعمهون) أي يتحيرون. وقيل: يترددون. وقد مضى في أول البقرة (5) مستوفى.

(1) الزيادة عن ابن العربي. والأوضار: الأوساخ.
(2) الرجيع: العذرة والروث.
(3) الحش بالتثليث: النخل المجتمع، ويكنى به عن بيت الخلاء، لما كان من عادتهم التغوط في البساتين.
في ع: بعلم. وفى ى: بحصر.
(4) من ع.
(5) راجع ج 1 ص 209.
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»