تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٤٥
صلى الله عليه وسلم، فأنخت قعودي بباب المسجد، فدلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو جالس عليه برد من صوف فيه طرائق حمر، فقلت: السلام عليك يا رسول الله.
فقال: " وعليك السلام ". فقلت: إنا معشر أهل البادية، قوم فينا الجفاء، فعلمني كلمات ينفعني الله بها. قال: " آدن " ثلاثا، فدنوت فقال: " أعد علي " فأعدت عليه فقال:
(اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا وأن تلقى أخاك بوجه منبسط وأن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي وإن أمرؤ سبك بما لا يعلم منك فلا تسبه بما تعلم فيه فإن الله جاعل لك أجرا وعليه وزرا ولا تسبن شيئا مما خولك الله تعالى). قال أبو جري: فوالذي نفسي بيده، ما سببت بعده شاة ولا بعيرا. أخرجه أبو بكر البزار في مسنده بمعناه. وروى أبو سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ". وقال ابن الزبير: ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس. وروى البخاري من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير في قوله: " خذ العفو وأمر بالعرف " قال: ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس. وروى سفيان بن عيينة عن الشعبي أنه قال: إن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما هذا يا جبريل "؟ فقال:
" لا أدري حتى أسأل العالم " في رواية " لا أدري حتى أسأل ربي " فذهب فمكث ساعة ثم رجع فقال: " إن الله تعالى يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك ". فنظمه بعض الشعراء فقال:
مكارم الأخلاق في ثلاثة * وممن كملت فيه فذلك الفتى (1) إعطاء من تحرمه ووصل من * تقطعه والعفو عمن اعتدى وقال جعفر الصادق: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية. وقال صلى الله عليه وسلم: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وقال الشاعر:

(1) في ك، ع، ه‍: وفى ا، ز: الغنى.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»