تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٥
قوله تعالى: يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك كأنك حفى عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون (187) قوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) " أيان " سؤال عن الزمان، مثل متى. قال الراجز:
أيان تقضي حاجتي أيانا * أما ترى لنجحها أوانا وكانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبيا فأخبرنا عن الساعة متى تقوم.
وروي أن المشركين قالوا ذلك لفرط الإنكار. و " مرساها " في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه، والخبر " أيان ". وهو ظرف مبني على الفتح، بني لأن فيه معنى الاستفهام.
و " مرساها " بضم الميم، من أرساها الله، أي أثبتها، أي متى مثبتها، أي متى وقوعها.
وبفتح الميم من رست، أي ثبتت ووقفت، ومنه " وقدور راسيات (1) ". قال قتادة:
أي ثابتات. (قل إنما علمها عند ربى) ابتداء وخبر، أي لم يبينها لأحد، حتى يكون العبد أبدا على حذر (لا يجليها) أي لا يظهرها.
" لوقتها " أي في وقتها " إلا هو " والتجلية:
إظهار الشئ، يقال: جلا لي فلان الخبر إذا أظهره وأوضحه. ومعنى (ثقلت في السماوات والأرض خفي علمها على أهل السماوات والأرض). وكل ما خفي، علمه فهو ثقيل على الفؤاد.
وقيل: كبر مجيئها على أهل السماوات والأرض، عن الحسن وغيره. ابن جريج والسدي:
عظم وصفها (2) على أهل السماوات والأرض. وقال قتادة: وغيره: المعنى تطيقها السماوات والأرض لعظمها: لأن السماء تنشق والنجوم تتناثر والبحار تنضب. وقيل: المعنى ثقلت المسألة (3) عنها. (لا تأتيكم إلا بغتة) أي فجأة، مصدر في موضع الحال (يسألونك كأنك حفى)

(1) راجع ج 14 ص 376.
(2) في ع: وقعها.
(3) في ز: غم.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»