تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٣
أنت رسول الله. قال: " أعتقها فإنها مؤمنة ". ولم يكن هناك نظر ولا استدلال، بل حكم بإيمانهم من أول وهلة، وإن كان هناك عن النظر والمعرفة غفلة. والله أعلم.
الرابعة - ولا يكون النظر أيضا والاعتبار في الوجوه الحسان من المرد والنسوان.
قال أبو الفرج الجوزي: قال أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري بلغني عن هذه الطائفة التي تسمع السماع أنها تضيف إليه النظر إلى وجه الأمرد، وربما زينته بالحلي والمصبغات من الثياب، وتزعم أنها تقصد به الازدياد في الإيمان بالنظر والاعتبار والاستدلال بالصنعة على الصانع. وهذه النهاية في متابعة الهوى ومخادعة العقل ومخالفة العلم. قال أبو الفرج:
وقال الإمام أبو الوفاء بن عقيل لم يحل الله النظر إلا على صور لا ميل للنفس إليها، ولا حظ للهوى فيها، بل عبرة لا يمازجها شهوة، ولا يقارنها لذة. ولذلك ما بعث الله سبحانه امرأة بالرسالة، ولا جعلها قاضيا ولا إماما ولا مؤذنا، كل ذلك لأنها محل شهوة وفتنة. فمن قال:
أنا أجد (1) من الصور المستحسنة عبرا كذبناه. وكل من ميز نفسه بطبيعة تخرجه عن طباعنا كذبناه، وإنما هذه خدع الشيطان للمدعين. وقال بعض الحكماء: كل شئ في العالم الكبير له نظير في العالم الصغير، ولذلك قال تعالى: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن (2) تقويم " وقال:
" وفي أنفسكم أفلا تبصرون (3) ". وقد بينا وجه التمثيل في أول " الأنعام (4) ". فعلى العاقل أن ينظر إلى نفسه ومتفكر في خلقه من حين كونه ماء دافقا إلى كونه خلقا سويا، يعان بالأغذية ويربى بالرفق، ويحفظ باللين حتى يكتسب القوى، ويبلغ الأشد. وإذا هو قد قال: أنا، وأنا، ونسي حين أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، وسيعود مقبورا، فيا ويحه إن كان محسورا. قال الله تعالى " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين - إلى قوله - تبعثون (5) " فينظر أنه عبد مربوب مكلف، مخوف بالعذاب إن قصر، مرتجيا (6) بالثواب إن ائتمر (7)، فيقبل على عبادة مولاه (فإنه (8)) وإن كان لا يراه يراه و (لا (7)) يخشى الناس

(1) في ى: آخذ (2) راجع ج 20 ص 113.
(3) راجع ج 17 ص 40.
(4) راجع ج 6 ص 387.
(5) راجع ج 12 ص 108.
(6) من ز. وفى ى: فرحا.
(7) في ع: إن شمر.
(7) من ع
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»