تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٦
عنها) أي عالم بها كثير السؤال عنها. قال ابن فارس: الحفي العالم بالشئ. والحفي المستقصي في السؤال. قال الأعشى:
فإن تسألي عني فيارب سائل * خفي عن الأعشى به حيث أصعدا يقال: أحفى في المسألة وفي الطلب، فهو محف وحفي على التكثير، مثل مخصب وخصيب.
قال محمد بن يزيد: المعنى يسألونك كأنك حفي بالمسألة عنها، أي ملح. يذهب إلى أنه ليس في الكلام تقديم وتأخير. وقال ابن عباس وغيره: هو على التقديم والتأخير، والمعنى:
يسألونك عنها كأنك حفي بهم أي حفي ببرهم وفرح بسؤالهم. وذلك لأنهم قالوا: بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا بوقت الساعة. (قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ليس هذا تكريرا، ولكن أحد المسلمين لوقوعها والآخر لكنهها.
قوله تعالى: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (188) قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا) أي لا أملك أن أجلب إلى نفسي خيرا ولا أدفع عنها شرا، فكيف أملك علم الساعة. وقيل: لا أملك لنفسي الهدى والضلال.
(إلا ما شاء الله) في موضع نصب بالاستثناء. والمعنى: إلا ما شاء الله أن يملكني يمكنني منه. وأنشد سيبويه:
* مهما شاء بالناس يفعل (1) * (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) المعنى لو كنت أعلم ما يريد الله عز وجل مني من قبل أن يعرفنيه لفعلته. وقيل: لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب. وقال ابن عباس: لو كنت أعلم سنة الجدب لهيأت لها في زمن الخصب ما يكفيني. وقيل: المعنى لو كنت أعلم التجارة التي تنفق لاشتريتها وقت كسادها. وقيل:

(1) عجز بيت للأسود بن يعفر: والبيت: ألا هل لهذا الدهر من متعلل * عن الناس مهما. الخ.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»