تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٨
فالمعجبون بأعمالهم، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم، وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران، وأما المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ومنعوا حق الله في أموالهم، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء '، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير سورة النبأ من [آية 19 - 30] * (وفتحت) * سماء الروح عند العود إلى البدن بأبواب الحواس الظاهرة والباطنة * (فكانت أبوابا) * أي: ذات أبواب كثيرة هي طرق الشعور كأن كلها أبواب لكثرتها.
* (وسيرت) * جبال الحجب الساترة لهيئاتهم وصفاتهم عن الأعين الحاجزة عن ظهورها من الأبدان والأعضاء العارضة دون تلك الهيئات التي ظهرت في المحشر * (فكانت سرابا) * كقوله تعالى: * (فكانت هباء منبثا) * [الواقعة، الآية: 6] أي: صارت شيئا كلا شيء في انبثاثها وتفرق أجزائها.
* (أن جهنم) * الطبيعة * (كانت مرصادا) * حدا يرصد في كل أحد، يرصدهم عندها الملائكة، أما السعداء فلمجاوزتهم وممرهم عليها لقوله تعالى: * (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا) * [مريم، الآيات: 71 - 72]. وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الآية فقيل له: أنتم أيضا واردوها؟ فقال: ' جزناها وهي خامدة '. وأما الأشقياء فلكونها مآبهم كما قال: * (للطاغين مآبا) * وكقوله: * (ونذر الظالمين فيها جثيا) * [مريم، الآية: 72].
* (لابثين فيها أحقابا) * أزمنة متطاولة متتابعة إما غير متناهية إن كانت الاعتقادات باطلة فاسدة أو متناهية بحسب رسوخ الهيئات إن كانت الأعمال سيئة مع عدم الاعتقاد أو مع الاعتقاد الصحيح. * (لا يذوقون فيها بردا) * روحا وراحة من أثر اليقين * (ولا شرابا من ذوق المحبة ولذتها * (إلا حميما) * من أثر الجهل المركب * (وغساقا) * من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسقة والميل إليها * (جزاء) * موافقا لما ارتكبوه من الأعمال وقدموه من العقائد والأخلاق.
* (إنهم كانوا لا يرجون حسابا) * أي: ذلك العذاب لأنهم كانوا موصوفين بهذه الرذائل من عدم توقع المكافآت والتكذيب بالآيات والصفات أي: لفساد العمل والعلم
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»