تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٠
سورة النازعات بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة النازعات من [آية 1 - 5] أقسم بالنفوس المشتاقة التي غلب عليها النزوع إلى جناب الحق، غريقة في بحر الشوق والمحبة التي تنشط من مقر النفس وأمر الطبيعة أي: تخرج من قيود صفاتها وعلائق البدن كقولهم: ثور ناشط إذا خرج من بلد إلى بلد، أو من قولهم: نشط من عقاله. والتي تسبح في بحار الصفات فتسبق إلى عين الذات ومقام الفناء في الوحدة فتدبر بالرجوع إلى الكثرة أمر الدعوة إلى الحق والهداية وأمر النظام في مقام التفصيل بعد الجمع، وبالكواكب السيارة التي تنزع من المشرق إلى المغرب مفرقة في سيرها إلى أقصى المغرب وتخرج من برج إلى برج وتسبح في أفلاكها فيسبق بعضها بعضا في السير وتدبر أمر العالم فيما نيط بها وبسيرها، أو بالملائكة من النفوس الفلكية التي تنزع الأرواح البشرية من الأجساد إغراقا في النزع من أقاصي البدن، أنامله وأظفاره، والتي تخرجها من الأبدان من قولهم: نشط الدلو من البئر، إذا أخرجها. والتي تسبح في جريها فيما أمرت به فتسبق إليه فتدبر المأمور به على الوجه الذي أمر به. والمقسم عليه محذوف كما ذكره غير مرة أي: لتبعثن.
تفسير سورة النازعات من [آية 6 - 14] ويدل عليه قوله: * (يوم ترجف الراجفة) * أي: تقع الواقعة التي ترجف لها أرض الجسد وجبال الأعضاء وهي النفخة الأولى أو وقت زهوق الروح * (تتبعها الرادفة) * أي:
النفخة الثانية وهي الإحياء بالبعث.
* (قلوب يومئذ) * أي: وقت وقوع الرجفة في حال النزع * (واجفة) * مضطربة * (أبصارها خاشعة) * ذليلة * (يقولون) * المحجوبون المنكرون البعث على سبيل الإنكار * (أئنا لمردودون) * في الطريقة الأولى من الحياة بعد صيرورتنا عظاما بالية فنحن إذا خاسرون إن صح ذلك * (فإنما هي) * أي: الرادفة التي هي الرجفة إلى الحياة بالبعث
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»