تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٧
أو إليه خاصة استقراره ورجوعه كقوله: * (إن إلى ربك الرجعى 8) * [العلق، الآية: 8].
* (ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم) * من عمله الذي يوجب نجاته وثوابه من الخيرات والصالحات * (وأخر) * ففرط وقصر فيه ولم يعمله * (بل الإنسان على نفسه بصيرة) * حجة بينة يشهد بعمله لبقاء هيئات أعماله المكتوبة عليه في نفسه ورسوخها في ذاته وصيرورة صفاته صور أعضائه، فلا حاجة إلى أن ينبأ من خارج * (ولو ألقى معاذيره) * أي: أرخى ستوره فاختفى بها عند ارتكاب تلك الأعمال. أو ولو ألقى أعذاره مجادلا عن نفسه بكل معذرة.
* (لا تحرك به لسانك) * أي: الإنسان عجول بالطبع كما قال: * (خلق الإنسان من عجل) * [الأنبياء، الآية: 37] فلذلك اختار العاجلة واحتجب بها عن الآجلة. ألا ترى أنك مع وفور سكينتك وكمال وقارك بالله تعجل عند إلقائنا الوحي إليك فتظهر نفسك لتتلقفه وهو ذنب حالك وحجاب وجودك، وهو معنى قوله: * (بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) * فلا تفعل ولا تحرك لسانك به، فظهور نفسك واضطرابها عجلة به ولتكن قواك هادية ونفسك غائبة عن مورد الوحي وقلبك سالما عن صفاتها خالصا في التوجه آمنا عن حركة النفس.
* (إن علينا جمعه وقرآنه) * إن علينا جمعه فيك وقرآنه أي: ليكن جمعه في مقام الوحدة وقراءتك إياه بنا فانيا عن ذاتك وفي عين الجمع حيث لم يكن لك وجود ولا بقية ولا عين ولا اثر * (فإذا قرأناه) * أوجدناه حال فنائك فينا * (فاتبع قرآنه) * بالرجوع إلى مقام البقاء بعد الفناء وظهور القلب والنفس في، ثم عند كونك في مقام التفصيل * (إن علينا بيانه) * وإظهار معانيه في حيز قلبك ونفسك مفصلة مشروحة.
تفسير سورة القيامة من [آية 20 - 40] * (كلا) * ردع له عن العجلة * (بل تحبون العاجلة) * سواء حالك وحالهم بحكم البشرية ومقتضى الطبيعة والنفس الطياشة.
* (وجوه يومئذ ناضرة) * للتنور بنور القدس والاتصال بعالم النور والسرور والنعيم الدائم متبجحة بزينة معارفها وهيئاتها، مبتهجة ببهجة ذواتها منخرطة في سلك الملكوت
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»